ما ستقرؤونه الآن هو بداية لسلسلة من المواضيع التي سأقوم بنشرها ان شاء الله في رمضان .
أيها الأمير لقد أتيت إالي القاهره خصيصا لأتعلم منك ........... الثائر الشيوعي تشي جيفارا 1960
إن هذا الرجل الذي ينادي باسمة أهل أسيا و أفريقيا و الهند و يتغنون بأسمة إن هذا الرجل الذي يقاتل باسم الاسلام و يعيد إمارة المومنين و الخلافة الاسلامية هو الخطر القادم علي البلاد الأوروبية ......... السير كورتي عضو مجلس العموم البريطاني 1921
لم يصدق عبد الرحمن عزام باشا أول أمين لجامعة الأمم العربية عينيه و هو يقرأ تلك البرقية السرية التي وصلته من مجموعة من المجاهدين العرب في اليمن في يوم من أيام 1947 (عاجل و سري للغاية ...لقد نزلت بميناء عدن اليوم سفينة فرنسية تحمل علي متنها شيخا أسيرا مكبلا بالسلاسل ..يشتبه أن يكون هو ذلك البطل الأسطوري الذي إختفي منذ عشرين عاما و السفينة في طريقها الان الي فرنسا و ستمر غدا بميناء بور سعيد المصري لذا وجب التنبيه ! ) و ما ان فرغ عزام باشا من قراءه هذه البرقية حتي طلب علي الفور مقابلة مستعجلة مع الملك فاروق لمناقشة أمر هذه البرقية الخطيره التي وصلته للتو من مضيق باب المندب ..فدار نقاش سري بين عزام باشا و الملك فاروق في قصر إقامتة و ماهي الا لحظات حتي صدر قرار إلي الضباط المصريين في قناه السويس باعتراض طريق تلك السفينة الفرنسية و إحضار ذلك الشيخ الكبير إلي القصر الملكي في القاهرة للتأكد من هويته و بعد ها بأقل من أربع و عشرين ساعة أحضر الضباط المصريون إلي الملك شيخا بلحية بيضاء كالثلج يمشي بخطوات ثابتة رغم بطئها ..تبدو من بين قسمات وجهة الغائرة مظاهر للعظمة و السمو لا تخفي علي أحد ..يلبس لباسا أبيض غاية في البساطة و تظهر علي يدية و ساقيه الهزيلتين علامات لسلاسل و أغلال و كأنها نحتت في جلدة نحتا , فلما أصبح الشيخ بين يدي الملك فاروق سألة الملك عن هويته ..فرفع الشيخ الكبير رأسة و نظر نحو الملك بعينين كعيني الصقر الجارح ثم قال بكل شموخ و ثقة ( أنا الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي )
ندخل قليلا في التاريخ و نتحول الي الغرب من القاهرة و بالتحديد إلى الريف الغربي الاسلامي سنة 1883 م , هناك يرزق شيخ قبيلة من قبائل الامازيغ البربر يدعي الشيخ عبد الكريم الخطاي مولودا يسميه تبركا علي اسم رسول الله محمد صلي الله عليه و سلم , ليقرر هذا الشيخ تربية ابنه تربية صالحة منذ نعومة أظافرة و فعلا قام بتعليمة اللغة العربية و تحفيظة القران الكريم ,ثم أرسله إلي جامعة (القرويين) في مدينة فاس ليتعلم هناك الحديث و الفقه الاسلامي , و ماهي الا سنوات حتي أصبح محمد قاضي القضاه في مدينة (مليلية) المغربية و هو مايزال في عمر الشباب .في هذا الوقت كانت ظروف المغرب الاسلامي أصعب من أن يتخيلها إنسان فلقد أدركت الدول الاستخرابية (الاستعمارية) أن بلاد المغرب الاسلامي تعتبر بمثابة مصنع للأبطال عبر التاريخ , فمنها خرج مجاهدو دولة (المرابطين ) إلي الاندلس ومنها أبحرت قوات دولة الموحدين إلي أوروبا و منها أنطلقت كتائب النور الاسلامية أول مرة الي أوروبا تحت قيادة طارق بن زياد فقررت تلك الدول إنهاء هذا الخطر الاسلامي , فعقدت دول أوروبا مؤتمر ( الجزيرة الخضراء ) عام 1906 بمشاركة 12 دولة أوروبية ,و لأول مرة في التاريخ يظهر إسم (أمريكا ) لتكسر بذلك الولايات المتحدة الامريكية (مبدأ مونرو) الذي ينص علي عدم التدخل الامريكي في السياسة الدولية ,كل هذه الدول اجتمعت من أجل إنهاء هذا الكابوس الاسلامي المستمر إلي الأبد فكان القرار النهائي لهذا المؤتمر تقسيم بلاد المغرب الاسلامي.
العجيب أن تلك الدول لم تكتف بتقسيم مملكة المغرب الاسلامي فحسب ,بل قسمتها بطريقة خبيثة لم تعرفها شعوب الارض من قبل بحيث تضمن تفككها بشكل نهائي ...فأخذت فرنسا القسم الجنوبي من مملكة المغرب (موريتانيا) ثم أخذت أسبانيا القسم الذي يليه في الشمال (الصحراء الغربية ) ثم مرة أخري فرنسا الي الشمال من الصحراء (وسط المغرب حاليا ) ثم أسبانيا إلي الشمال أيضا في الساحل الشمالي للمغرب (الريف المغربي ) و بين هذا و ذاك إحتلت ألمانيا و بريطانيا مدنا هنا و أخري هناك و ظن الجميع أنهم بذلك أنهوا الوجود الاسلامي في بلاد المغرب للأبد , و لكن الشيخ عبد الكريم الخطابي و إبنه محمد كان لهما رأي اّخر ...فبدأ بتجميع القبائل المتناحرة تحت راية الاسلام الواحدة و مراسلة الخليفة العثماني في عاصمة الخليفة ...عندها قتل الأسبان الشيخ المجاهد عبد الكريم الخطابي (ما وضعته باللون الأزرق لم أستطع نفيه و لا الموافقة عليه لقلة الأدلة) و أسروا إبنه الشيخ محمد ووضعوه في أحد السجون في قمة جبل من جبال المغرب ...و بطريقة أسطورية لا توصف إستطاع ان يصنع حبلا من قماش فراشه ليحرر به نفسه من نافذه السجن و لكن لسوء الحظ لم يكن الحبل بالطول الكافي ليصل بالخطابي من قمة الجبل إلي الارض ليقفز بطلنا من علي إرتفاع شاهق و تكسر ساقيه و يغمي عليه من شده الصدمة , قبل أن تكتشف سلطات السجن أمره و تعيده إلي السجن .
و بعد حين من الأسر خرج الامير محمد من السجن ليبني من رجال قبائل الريف المغربي جيشا من ثلاثه الاف مقاتل فقط , مبتكرا بذلك فنا جديدا من فنون القتال العسكري كان هو أول من استخدمه في تاريخ الحروب تحت اسم (حرب العصابات ) و قد استخدم كل ثوار العالم هذا الفن القائم علي فنون المباغتة و الكر و الفر ...ثم ابتكر الأمير محمد نظاما اخر في المقاومة اعترف الزعيم الفيتنامي (هوشيمنه) أنه اقتبسه من الأمير محمد في قتال الفيتانميين للأمريكيين بعد ذلك بسنوات هو نظام حفر الخنادق الممتدة تحت الأرض حتي ثكنات العدو و بذلك استطاع البطل الاسلامي تلقين الجيش الاسباني درسا جديدا في كل يوم من أيام القتال
ولما تضاعفت خسائر الأسبان في الريف الاسلامي قام ملك إسبانيا (ألفونسو الثالث عشر ) بإرسال جيش كامل من مدريد تحت قياده صديقه الجنرال (سلفستري) و إلتقى الجمعان في (أنوال ) الخالدة ..جيش أسباني منظم مكون من 60 ألف جندي مع طائرتهم و دباباتهم مقابل 3 أّلاف مجاهد مسلم يحملون بنادق بدائية فقط .. ولكن خصمان اختصموا في ربهم ..فئه تقاتل في سبيل الله و أخري تقاتل في سبيل الارض و الصليب ,,, فكان حقا علي الله نصر المؤمنين ,,, و فعلا انتصر الثلاثه اّلاف مجاهد تحت قياده الأسطورة الخطابي على جيش كامل من 60 ألف مقاتل صليبي و قتل المسلمون 18 ألف أسباني و أسروا الآلاف من الغزاه و لم يسلم من الهلاك و الأسر الا 600 جندي إسباني هربوا إلي أسبانيا كالكلاب الفزعة ليحكوا أهوال ما رأوا في الريف المغربي على ملكهم ....ليأسس الأمير الخطابي بعد ذلك (إمارة الريف الاسلامي ) في شمال المغرب الاسلامي ,,, و خلال 5 أعوام من إمارته قام الخطابي بتعليم الناس الدين الاسلامي الصحيح الخالي من الشعوذه و الدروشة ثم قام بإرسال البعثات العلمية لدول العالم ,,, و توحيد صفوف القبائل المتناحرة تحت رايه الإسلام .
و كما هو متوقع بعد كل صحوة إسلامية ......إجتمعت دول الصليب مرة أخري (و هي التي لا تجتمع إلا في قتال المسلمين ) بعد أن أحست بخطر الدولة الاسلامية الوليدة التي لو بقيت لغيرت مسار التاريخ ,, فجمعوا تحالفا من نصف مليون جندي أوروبي بدباباتهم و طائراتهم و بوارجهم الحربية ,,ليحاربوا به 20 ألف مجاهد فقط .... و كانت المفاجأه الكبري !! لقد انتصر المجاهدون تحت قيادة الامير المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي في جميع الجولات التي خاضوها ,,,فأوقعوا الخسائر تلو الخسائر في صفوف الغزاه ,,مما اضطر جيوش أوروبا المتحالفة أن تشتري ذمم بعض شيوخ الطرق الصوفيه المبتدعة ,,,فقام هؤلاء الخونة بقتال الأمير الخطابي الذي كان يحارب من قبل البدع الصوفيه من الرقص و الدروشة و إقامة الموالد التي لم ينزل الله بها من سلطان ,,,فأصدروا فتوى تحرم القتال مع الخطابي ,,قبل أن تقوم طائرات فرنسا و إسبانيا بإلقاء الأسلحة الكيميائية و الغازات السامة علي المدنيين ,, في نفس الوقت الذي حاصر فيه الأسطول الانجليزي سواحل المغرب ,,فقاتل الخطابي أمم الأرض مجتمعة من خزنه و صليبيين و لم يبق معه من المجاهدين غير 200 مقاتل عاهدوا الله علي الشهادة تحت قيادته ,,فقاتل أولئك النفر كالأسود حتي يأس الصليبيون من هزيمتهم ,,فلجئوا عندها إلي أسلوب قديم حديث ستجدونه يتكرر كثيرا في طيات هذا الكتاب في قصص العظماء المائة في الاسلام ,,, لقد لجأ الصليبيون إلي طلب الصلح مع الأمير محمد مع إعطاء المسلمين الضمانات المثضة علي سلامة كل المجاهدين و إتاحة سبل العيش الكريم لأهل المغرب بكل حرية و استقلال .
و كعادتهم ..... نقض الصليبيون بعهودهم ,,فقاموا بخطف الأمير الأسطوره المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي و نفيه إلي جزيرة في مجاهل المحيط الهندي,,,ليس لسنة أو إثنين ,,بل لعشرين سنة متصلة قضاها هذا البطل في أسر دعاة حقوق الإنسان ,,,في أسر من خرجوا للعالم بشعار الثورة الفرنسية ( حرية , مساواه ,إخاء) فأي حرية تدعونها أيها المجرمون في حبس شيخ ضعيف مدة عشرين سنة ؟ و أي مساواة تتكلمون عنها و أنتم تقتلون نساء المسلمين و أطفالهم بغازاتكم السامة القذرة ؟ و أي إخاء تسخرون به من عقول المغفلين بحضارتكم القائمة علي دماء الضعفاء من البشر ؟ فإن كان قتلكم للضعفاء من بني البشر حضارة ....فسحقا إذا لكم و لحضارتكم تلك . توفي الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة بمصر، في 6 فبراير 1963، ودفن في مقبرة الشهداء بالقاهرة.
و بعد .... كانت هذه بعض سطور عن ملحمة اسلامية خالدة , هي غاية في البطولة لقائد إسلامي عظيم ضحى بزهرة شبابة لرفع لا إله إلا الله - محمد رسول الله ,,و مما يحزن النفس و يدمي الفؤاد أن معظم شبابنا ما سمعوا عنه قط ,,, علي الرغم من أن كثيرا منهم متيمون بأبطال لم يحاربوا إلا من أجل مصالح دنيوية و مباديء شيوعية ....فلو علم شبابنا ممن يعلقون صور الثائر الشيوعي (تشي جيفارا ) أنه أتى للقاهرة ليتعلم من بطل الاسلام الأسطوري محمد بن عبد الكريم الخطابي ,,لتغير رأي شبابنا في تاريخهم الذي نسوه أو أنسوه (بضم الألف ) فصاحبنا هذا لم يكن صحابيا ,,بل لم يكن عربيا البتة , و بغض النظر عن مدى عظمة هذا البطل المغوار ...فإن ذكره في مقدمة الكتاب يأتي ردا علي أولئك المساكين الذين إذا طلبت منهم الإقتداء ببطولات الصحابة و تضحياتهم تحججوا بحجة واهية ,, ألا و هي أننا لسنا من جيل الصحابة ..فكان ذكر رجل ظهر في القرن العشرين الميلادي ,,لهو خير جواب على أولئك اللذين لم يقرءوا شيئا عن تاريخ أمتهم المشرق.
و هذا وثائقي من انتاج الجزيرة حوله :
و الغريب في الأمر أن الدولة المغربية لم تكرمه كما يستحق .
المصادر :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق