بيير فوجل ذلك الشاب الداعية الألماني وبطل الملاكمة السابق و الذي تسمى صلاح الدين قدم محاضرة رائعة حول طريق هدايته إلى نور الإسلام . كانت هذه المحاضرة في مركز فنار بدولة قطر , و أخذ يحكي قصة إسلامه ، فبينما هو يتلقى تعاليم المسيحية و يقرأ في الكتاب المقدس يسأل القس الذي يدرس له عن بعض العبارات فيصارحه بأن هناك تحريفا قد طرأ على الكتاب المقدس و من هنا تساءل بيير كيف يميز بين الصحيح و المحرف فيه .
و بدء بيير يتبنى فكرا جديدا مستقلا بعيدا عن الدين. إلا أن الله أراد به خيرا حيث أنهى الدراسة الثانوية ثم بدأ يعمل في الخدمة المدنية فيمر على كبار السن ممن تخلى عنهم أبناؤهم و لا يجدون من يطعمهم و يسقيهم و أثر فيه هذا الوضع خاصة عندما يكون عند أحدهم يوما ثم يسمع بوفاته اليوم التالي ، فمكث يفكر في الحياة بدءا و نهاية و حكمة ، و راجع نفسه ليجد المتدينين من النصارى أفضل ممن لا دين له على الإطلاق. ثم هو يتعرف على بعض الأسر المسلمة ليرى الأبناء يلتفون حول الآباء و الأجداد فأعجبه ذلك الرباط الأسري. و في يوم بينما كان يمشي في الطريق وجد رجلا يهديه بعض المطويات عن الإسلام فيقرأها ثم يمر به في اليوم التالي رجل من المتعصبين ضد الإسلام ، فأخذ ذلك الرجل يسب في الإسلام و المسلمين فيرد عليه بيير بما قرأه عن الإسلام ، و لعل الله تعالى قدر أن يدفعه هذا الحوار لكي يقرأ عن الإسلام ، فأحب أن يقرأ القرآن و سبحان الله و جد عند أخته نسخة تترجم معناه فقرأه من أوله إلى آخره ثم رجع ليقرأ العهد القديم (التوراة) و الجديد (الإنجيل) و القرآن الكريم مرات و مرات و أخذ يقارن بينهم ، فلفت نظره في القرآن الكريم وصف الله تعالى بكل كمال و جمال و عظمة و تنزيهه سبحانه عن صفات الخلق فليس كمثله شيئ و هو السميع البصير ، و على عكس ذلك تماما و جد في الكتاب المقدس (وقد حرف) وجد وصف الله بما لا يليق و من ذلك مثلا الافتراء على الله بأن يعقوب دخل معه في مصارعة فاز فيها يعقوب ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، ووجد القرآن كله كتابا متكاملا يصدق بعضه بعضا بينما وجد الكتاب المقدس فيه الكثير من التناقض و التحريف ، و قد وجد في الكتاب المقدس البشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وآله و سلم و كيف نزل عليه الوحي و قال له اقرأ كما حدث مع النبي صلى الله عليه و آله و سلم. ووجد أن صلاة المسلمين و فيها السجود كانت شبيهة بصلاة موسى و عيسى عليهما السلام حيث ورد سجودهما لله تعالى في الكتاب المقدس بينما خلت عبادة اليهود و النصارى اليوم من ذلك. و تساءل بيير كيف يكون عيسى إلها و هو يسجد لله تعالى فهل مثلا كان يسجد لنفسه؟ . وجد الدعوة إلى الحجاب في الكتاب المقدس ووجد الحدود التي يأخذها الغربيون ليتهموا الإسلام بالعنف و الرجعية و جدها مذكورة في الكتاب المقدس نفسه ، أعجبه في الإسلام أنه يفرض الإيمان بجميع الأنبياء و المرسلين بما فيهم عيسى و موسى عليهما السلام و بجميع الكتب بما فيها التوراة و الإنجيل ، بينما ينكر القرآن على الأحبار و الرهبان تحريفهم لكتبهم ، أعجبه في الإسلام علاقة الأسرة و الأبناء ، وجد كثيرا من مكارم الأخلاق في القرآن الكريم ، و جد الإعجاز العلمي في آيات القرآن ، وجد الإسلام يجيب على تساؤلات صعبة حول الحكمة من الخلق و مصير الحياة و ماذا يريد الخالق منا ، وجد الإسلام مكملا لسابق الرسالات و لا يهدمها بل يكملها فأحب الإسلام و اقتنع به بل أخذ يصلي صلاة المسلمين و يذكر الله مثلهم و يقرأ قرآنهم لكنه لم يدخل في الإسلام بعد ، و في يوم من الأيام اتصل به صديقه التركي لكي يصطحب زائرا مسلما لأداء صلاة الجمعة في المسجد نظرا لانشغال ذلك الصديق التركي في ذلك اليوم ، فذهب بيير مبكرا إلى المسجد مع ذلك الزائر ، فصلى تحية المسجد ثم جلس يذكر الله تعالى حتى جاء إمام المسجد المغربي فسلم عليه و سأله بعد أن وجد ملامحه الأوروبية فقال له هل أنت الوحيد المسلم في أسرتك ففكر قليلا ثم قال له نعم و رفع يديه و قال و أنا أشهد ألا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله . و كانت هذه فقط هي لحظة نطقه بالشهادتين. درس بيير اللغة العربية و أصبح داعية إلى الله تعالى و جاء ليلقي محاضرة رائعة باللغة العربية في مركز الفنار بالدوحة ليعرفنا بقصة إسلامه و ماذا يؤثر أكثر من أساليب الدعوة في هداية الناس إلى الإسلام ثم يجيب على تساؤلات حول تفاصيل مسيرة إسلامه . و من بين ما أوصى به حسن المعاملة لكي تكسب القلوب ، و نصح المسلمين المسافرين إلى الغرب بإبراز الإسلام و الدعوة إليه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الآلتقاء مع المسلمين هناك فلا يأكل الذئب من الغنم القاصية. و اقترح طريقة لإقناع النصارى تبدأ بحتمية وجود خالق للكون وهم لاينكرون ذلك ثم السؤال حول عيسى هل يمكن أن يكون هو الخالق و قد كان بشرا ولد و أكل و شرب و كبر من الطفولة إلى الشباب و كان يأكل و يشرب مثل باقي الناس و كان يسجد لله فهل كان يعبد نفسه بل لابد أنه كان يعبد الله تعالى فإذن لا إله إلا الله ثم يأتي السؤال الأخير هل القرآن المصدق للتوراة و الإنجيل و لكل الكتب و الرسل هذا الكتاب المعجز هل يمكن ان يكون من تأليف محمد و هل من الممكن أن يستدرك محمد على نفسه في بعض المواضع مثل ((عبس و تولى )) مثلا و كيف توصل محمد إلى أسرار في العلم عن خلق الإنسان و الكون و حقائق التاريخ لم يعرفها العالم إلا حديثا وقد كان محمد أميا لا يقرأ و لا يكتب إن ذلك مستحيل إذن فمحمد رسول الله. جزى الله القائمين على مركز الفنار خير الجزاء و ثبت الله كل المسلمين على الإسلام حتى يلقوا الله على الحق ، على شهادة ألا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق