اسد الاسلام
(ان كان لهم تشغفارا فلنا خطاب)
خطاب و أحلام الشباب
مفكرة الإسلام :كان خطاب في بداية شبابه يحلم كأي شاب بالوظيفة والرتبة العالية ولهذا عرف بتفوقه الدراسي حتى أنه تخرج من الثانوية العامة بتخصص علمي ومعدله أكثر من 94% في النصف الثاني وكان أمله أن يدخل شركة أرامكو بمنطقة الظهران شرقي السعودية في نظام ( CBC ) وهو نظام يتيح للدارس الإبتعاث إلى أمريكا وهي أمنية كل شاب في ذلك الوقت يرجو الرتبة العالية وفعلاً تحققت أمنيته ودخل في ذلك النظام التدريبي وكان يستلم راتباً شهرياً قدره 2500 ريال وجلس على مقاعد الدراسة قرابة النصف سنة وكان من أميز طلاب في فصله ونال إعجاب معلميه وزملائه ؛ ولكن بعد أحداث أفغانستان الأولى ترك الدراسة وضحى بحلمه راجياً ما عند ربه متيقناً أن من ترك شيئاً لله عوضه الله بما هو خير منه وليس صحيحاً أنه درس في أمريكا وغادرها إلى أرض الجهاد .
كان حلمه الذي يحدث به أقرانه أن يكون لديه قصر مساحته 3500 متر مربع يحتوي على مظلة تتسع لخمس سيارات إحداها سيارة سوبربان للعائلة وسيارة جمس أحمر له شخصيا يمرح عليه في الصحاري والبراري .
كان يحلم أن لديه عشرين قطعة أرض ( بلوك كامل ) يسكن فيه أبوه وأمه وإخوته ، غداؤهم واحد وعشاؤهم واحد ، يمازحهم ويلاعبهم ويشكو إليهم وكان يحلم بحافلة يجتمع هو وإخوته في الركوب عليها فهو يريدهم في حلهم وترحالهم بيتاً واحداً ، كان يحلم بمجلس واحد يوحد معنى الجسد الواحد للعائلة يستقبل فيه الضيوف والزوار .
نعم هذه أمنياته عندما كان شاباً في الثانوية . لم يكن والله يمل من تكراراها أو سردها عشرات المرات ، فهو أليف حبيب والديه وإخوته .
كان يحلم أن يكون من كبار شركة ارامكو البترولية وأن يشار له بالبنان ويحلم بذلك المكتب الواسع الفخم الذي تتمناه النفوس . نعم كانت هذه أمنياته يحدث بها الصغير والكبير ، وسبحان الله ترك هذه الأحلام والآمال وترك القصور والحبور واتجه إلى كهوف يسكنها وأرض يفترشها وسماء يلتحف بها . ترك والديه وإخوته وأهله وهاجر إلى بلاد صار كل من فيها هم إخوته وأهله . تزوج الإخوة والأخوات ومات الأب الصالح ومازال خطاب في غربته إنها غربة المجاهد الذي قدم أغلى مايملك وكأنها أرخص مايملك قدم روحه وأمانيه وأحلامه لله لم يرد مالاً ولاحظاً من الدنيا . عاش هناك بهندام متواضع وملابس رثة بعد أن كان يحلم بفراش وثير وقصر مشيد . عاش هناك يطعم يوماً ولايجد عشراً آخر ما يسد جوعته وهو الذي كان يجد في بلده مالذ وطاب . كانت أمنية والده الرجل الصالح أن يرى ابنه قبل وفاته ولكن هيهات هيهات فأنى يصل إليه خطاب وجموع المسلمين تستنصر به وترجوه نصرة إخوانه؟!
انتظر ذلك الأب سنوات وسنوات لعل يوماً يطل عليه من الباب وجه خطاب المشرق ولكن عرف الوالد أن خطاب قد لجأت إليه الأمة بعد الله فدعا الله أن يلتقي به في جنة الخلد ومقعد الصدق واحتسب أحب أبنائه إليه لله ولاشيء لغير الله ، ثم فاضت روح والده ولم تتحقق أمنيته ونسأل الله أن يجمع بينهم في جنته سبحانه . ولقد صدق خطاب والله عندما قال رحمه الله في إحدى المناسبات : من عاش صغيراً مات صغيراً ، ومن عاش لأمته عظيماً مات عظيماً .
خطاب بين المرح والحزم
مفكرة الإسلام : يعجب الواحد منا لما يرى الأفلام الوثائقية التي يظهر فيها خطاب ، فجنوده متعلقون به تعلقاً شديداً ، وتزيد غرابتك لما تعلم أنه حازم جداً في تعامله ؛ ولكن الخطب يهون عليك عندما ترى مزحه معهم ، فهو يمزح بلسانه ويده بل ورجله ؛ وترى فيه خفة الظل ورحابة النفس وحسن الخلق ، فمرة تجده ينادي أحد أصحابه ويقول له : خذ هذا الشيء الواقع على الأرض ، فإذا أنزل رأسه صب عليه " الشامبو " وسط فرح وسرور أصحابه .
أما حزمه وانضباطه فيحدثنا عنها هو شخصياً حيث يقول : لما جئت إلى الشيشان انضمت إلي مجموعة من 90 رجلا من طلاب الشيخ فتحي الشيشاني حفظه الله ، وصرفت أولاً منها 15 رجلاً ثم صرفت أيضاً 15 رجلاً ، وبقي معي ستون ، وحذرني بعض الإخوة من الطرد لأن الشيشانيين عندهم حمية ، فلو ذهب بعضهم فاحتمال كبير أن يلحق بهم الآخرون ، وفي يوم من الأيام نمنا ؛ ولما أصبحنا إذا فرقة الحراسة نائمة معنا ، وتركت مهمتها ، وكانت ليلة باردة ، فطلبت منهم أن يخلعوا خفافهم ، ثم طلبت منهم المسير إلى النهر ، وكان العشب من شدة البرد كأنه عيدان يابسة ، ثم ساروا وهو يكادوا أن يهلكوا من شدة البرد ، فلما وصلنا للنهر طلبت منهم أن يدخلوا أقدامهم فيه تأديباً لهم ، وبعد فترة أمرتهم بالخروج ، وقد تجمدت أقدامهم حتى أن بعضهم سقط على ركبتيه من الإعياء والألم ، وارتفعت أصواتهم علي حتى هددوني بالخروج وتركي ، فقلت لهم لا مانع لدي ؛ حتى لو لم يبق معي أحد . مع أني كنت أخشى من ذهابهم ، وبالتالي ذهاب أملي بتحرير تلك البلاد ؛ ولكن يسر الله ، فبقي منهم ستون رجلاً أخذوا دورة علمية مدتها 25 يوماً ، وهم الآن قادة السرايا وخيرة الجنود.
خطاب بين الرحمة والشدة
مفكرة الإسلام :عجيب أنت ياخطاب . رأيناك وأنت تقتل العدو بقلب بارد . رأيناك وأنت تجهز على ملاحدة الروس . رأيناك تطلق النار مبتسماً فقلنا خطاب لانعرف أحداً كان عذاباً على العدو منه . ظننا قلبك مملوءاً بالغلظة ومكسواً بالقسوة ، فإذا جئت على معسكر إخوانك انقلب ذلك الأسد الضرغام إلى حمل وديع يحب المزاح حيناً ، فمرة ضاحكاً ومرة باكياً ومرة حزيناً قل لي بربك كيف اجتمع فيك كل هذا؟! .
خطاب هل تذكر عندما كنتَ طالباً في الثانوية كيف كانت سعادتك وأنت تحمل الصغار على ظهرك وصدرك . هل تذكر وأنت تقول لهم اركبوا على ظهري واضربوا رأسي ، وماعلم هؤلاء الصغار أنهم قد ركبوا على ظهر واحد من أعظم قادة المجاهدين في القرن العشرين .
خطاب هل تذكر ذلك اليوم الذي أغمي عليك لأجل قطة ؟ أظنك نسيت وسوف أذكرك . ذلك اليوم الذي خرجت لتركب سيارتك وكانت هناك قطة داخل ماكينة السيارة فحركت السيارة فتقطعت القطة . لقد كان يوماً عصيباً عليك فقد حملك أخواك منصور وماهر وأنت كدت أن يغمى عليك ، وقد تقاطرت الدموع على خديك لأجل تلك القطة وكنت تسأل وتصرخ هل هي ماتت ؟ قل لي بربك ماهذا القلب الذي يبكي لأجل القطط ونحن في هذا الزمان لانبكي لمذابح المسلمين ؟!!. عفواً قائدنا خطاب فقد أعجزتنا بقلبك الذي امتلأ ببغض الكافرين و بحب المسلمين .
خطاب مراسل في التلفاز أبكته عجوز وغيرت مجرى حياته
مفكرة الإسلام :كانت نفسه تحدثه بالبقاء أو الانصراف عن الشيشان والرجوع إلى طاجكستان . خاصة وأنه جاءها لعلاج يده فقط ؛ ولم يكن ينوي الإقامة فيها ؛ ولكنه لما رأى الجهاد بدأت نفسه تراوده في البقاء ؛ ولكن مع تردد كثير ، وجرت عادته رحمه الله على رسم خريطة حول كل منطقة يريد العمل فيها سواء من جهة الأماكن أو الطبائع أو العادات أو الأشخاص ، ولما ذهب إلى الشيشان لم يكن يعرف حقيقة هذه المنطقة فجعل من نفسه كمراسل تلفازي يمر بين الناس ، ويضع معهم اللقاءات ، ويلقي عليهم الأسئلة ، ويتحسس المعاني المهمة في أجوبتهم ، وقابل شامل باساييف بهذه الطريقة ؛ ولكن الموقف الذي هز شعوره ، وحرك عواطفه هو لقاؤه مع عجوز طاعنة في السن حيث سألها : ماذا تريدون من قتال الروس ؟ فقالت العجوز له بلغة الواثقة : نريد أن نخرج الروس حتى يرجع إلينا الإسلام ، فسألها هل عندكِ شيء تقدمينه للجهاد ؟ فقالت وقد كُسِر خاطرها : ليس عندي سوى هذا الجاكيت ( المعطف ) أجعله في سبيل الله . فجعل خطاب يبكي بشدة وتبتل لحيته بدموعه .
فكانت هذه العجوز سبباً في ظهور خطاب الرمز لنا ، فنسأل الله أن لا يحرمها الأجر ، وأن يجعل معطفها مهراً تدخل به جنة ربنا ، وأين هذه العجوز من الشمطاوات في إعلامنا اللاتي فسدن وأفسدن شباب الأمة .
خطاب ونصرة المظلومين
مفكرة الإسلام :عندما يرد علينا اسم خطاب يتبادر لذهننا تاريخه الجهادي وكيف أنه هب دفاعاً عن إخوة له خالفوه في اللغة والوطن وتوحدوا في الشريعة والدين ؛ ولكنا نكون أغفلنا عن تاريخ مهم عاشه قبل التحاقه بالجهاد .
كان رحمه الله منذ أن كان صغيراً يكره الظلم وأهله حتى وردت عليه المشاكل من كل حدب وصوب بسبب حبه للنصرة حتى ولو على من هو أقوى منه ونذكر الآن مجرد مثالين فقط توضح حقيقة هذا البطل :
خرج مع أحد زملائه من الدراسة في شركة أرامكو وعندما وصلا إلى مواقف السيارات شاهدا خمسة من الشيعة يحيطون بشاب سني يريدون ضربه وقد أعدوا عدتهم من العصي الغلاظ فقال خطاب رحمه الله لصاحبه السائق قف حتى نعينه ؛ فقال صاحبه دعهم ونحن لانريد المشاكل فأقسم ونزل من السيارة نصرة لذلك المستضعف ورفض صاحبه النزول لعدم رغبته في المشاكل ، ولم يكن بيده أي شيء إلا استعانة بالله على هؤلاء الظلمة ثم تحرك هؤلاء الشيعة جهته فقاتلهم مدة لوحده وكلما ازدادوا في ضربه ازداد صبراً وثباتاً . يقول صاحبه الذي في السيارة : لم أصدق ما رأيت . إنه فعلاً كان بطلاً وخرج من هذا القتال وقد أثخنوه وأثخنهم رغم توحده وانفراده .
حصل نزاع في فصله الدراسي في نفس الشركة السابقة بين طالب سني وطالب شيعي فتنادى الشيعة من كل مكان وأدخلهم الحراس الذي ينتمي بعضهم لهذه الطائفة واجتمع أكثر من 200 شيعي أمام المدرسة التدريبية وكان عدد أهل السنة قليلاً جداً فخشوا من الغلبة وكان يسمع خلف الصفوف صراخاً وصياحاً من شاب يقول لاتدعوهم والله لن اتركهم أبداً فلما نظروا خلف الصفوف وإذا أسدنا خطاب قد استعد للعراك والقتال وفعلاً اشتعلت النار بين الطرفين وكان أسدها كالعادة هو فارسنا وقائدنا خطاب ، ومن ذلك اليوم علت الناس رهبة وهيبة من هذا الشاب.
أين مالك يا سامر (خطاب) ؟
مفكرة الإسلام :عرف خطاب بـ " صاحب الجيب الخالي " فلم يكن المال له حظ في جيبه منذ شبابه وتعاهد إخوته أن لايعطوه شيئاً إن طلب منهم شيئاً ليس بغضاً فيه وإنما خوفاً عليه من كثرة ماينفق يقول لي أخوه ماهر حفظه الله : عاهدت نفسي أن لا أعطيه شيئاً لأننا لو أعطيناه فسينفقها على الناس كرماً ولكن الله أعطاه أسلوباً في الإقناع فيأتيني فيكلمني قليلاً حتى يأخذ مالدي فإذا خرج صحت لقد سحرني وأخذ مالي . لقد كان خطاب صاحب كلمات حلوة وعذبة فلم نستطع يوماً أن نرد له طلباً . وقال لي ماهر ممازحاً : يوم القيامة سأطالبه أمام ربي بما أخذ من مالي .
ويذكر لي أخوه منصور أن خطاباً أسكنه الله فسيح جناته انطلق يوماً بسيارته وفي طريق المطار شاهد مسلماً سودانياً يرفع يديه طالباً المساعدة فتوقف عنده وتبين أن السيارة أصابها العطل والرجل مسافر على الطائرة بعد قليل فقال خطاب رحمه الله دع سيارتك وسافر وأنا سأسحبها فوافق الرجل وهو خائف على سيارته حيث لم تكن بينهم صلة معرفة ، وفعلاً سافر الأخ السوداني ثم قام خطاباً رحمه الله بسحب سيارته ثم اقترض مبلغاً من المال وأصلح السيارة بدون أن يعلم أحد وعندما حضر السوداني كانت المفاجأة فالسيارة أصلحت وخطاب يرفض المبلغ فأصر السوداني على الدفع فصاح في وجهه خطاب نحن لا نريد المال وخرج الرجل من البيت ووجهه يتهلل فرحاً.
فكر ودعوة خطاب رحمه الله
مفكرة الإسلام :كان رحمه الله سلفي العقيدة والمنهج ، ويصرح بذلك في أشرطته الخاصة وجلساته العامة ؛ ولكنه لم يكن متعصباً أبداً لمجموعته ، فكتب الله له قبولاً لدى كل الاتجاهات الإسلامية بلا استثناء ، و ينصح أهلها ، ويقبل نصيحتهم ، وله علاقة قوية بشيوخ المجاهدين من أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين والشيخ حمود العقلا رحمهم الله جميعاً وكان يستشيرهم في قضايا الجهاد والعلم والدعوة ، ولهذا لم يعهد على مجموعته الجهادية في الشيشان بدع أو انحرافات أو خرافات ، ولقد طارت عقول الصوفية منه وخشوا على مناصبهم أن تطير فتعاونوا مع الروس الغزاة لمنع فكره من الانتشار خاصة وأن الناس بدءوا يتأثرون به بقوة .
ورأى أن الشيشان بلد خصبة للدعوة ، فعمل محاضن دعوية لتكوين مجموعات دعوية جهادية على الخط الصحيح ، فأنشأ " معهد القوقاز لإعداد الدعاة " حيث يلزم كل شخص بالانضمام إليه قبل قبوله في الجهاد فيخضع لدورة علمية مكثفة تقارب الشهرين ، ثم ما لبث أن تكاثر الناس عليه يريدون العلم و الجهاد حتى وصل عددهم إلى 400 طالب جاءوا من التتر وداغستان وطاجكستان وأوزبكستان والأنجوش وغيرها ، وهذا هو الذي أفزع روسيا ، ثم تطور العمل فأنشأ رحمه الله داراً لتحفيظ القرآن ، ووضع برنامجاً لإعداد الدعاة ، وبرنامجاً آخر لإقامة محاضرات في القرى ، ودورة للتعليم الأساسي ، ودورة لرفع مستوى الدعاة ، وكما قال رحمه الله : رأينا أثر هذا العمل على مجاهدين في تضحياتهم وبذلهم .
وبهذه صار الجهاد في الشيشان مضرب الأمثال فلا نزاع ولا تفرق ولا تشرذم . كلهم على قلب رجل واحد ، وجعلوا لهم مفتياً لا يتجاوزونه أبداً وهو الشيخ أبو عمر السيف الخالدي من منطقة الدمام بشرق السعودية حفظه الله ، وهذا أبو عمر ليس قحطانياً كما زعم البعض من أجل مآرب أخرى.
التدرج في دعوته للناس
مفكرة الإسلام :قاتل في أفغانستان ، ولم نسمع أنه تقاتل مع أحد الأفغان لخلاف عقدي رغم انتشار التصوف فيه ، ثم قاتل في طاجكستان تحت قيادة عبد الله نوري ؛ ورغم سيادة التصوف هناك إلا أن الناس تعلقوا بخطاب حتى دبَّ الحسد في قلوب بعض المنافقين كالقائد رضوان والذي وصفه خطاب بأنه " أمير حرب خبيث " ، وعندما وصل للشيشان دعاهم للصلاة والزكاة وقراءة القرآن ، ولم يدعهم إلى أي مسألة عقدية ، فلما تمكن هناك وصار حبه في قلوب الناس كلهم أنشأ المعاهد العلمية التي تعلم العقيدة الصحيحة .
وكان يحذر أصحابه من الخوض فيما يثير الناس في بداية جهاده في كل منطقة ، فإذا رأى من الناس إقبالاً على الخير دعاهم بعد ذلك إلى العقيدة السلفية ، ولهذا منع أصحابه من الذهاب إلى الأسواق ، والدخول للمدن والقرى لأن التصوف قوي في تلك البلاد ، فخاف أن يقوم مشايخ الصوفية بإثارة الناس عليهم ، فكان هناك من يقوم بالذهاب إلى السوق كل يومين ليقضي حاجات المجاهدين ، بل إنه لم يذهب في حياته كما قال إلى جروزني إلا مرة واحدة ، وبعد إصرار من القادة الشيشانيين لحضور حفل تكريم له .
ورغم محاولة مشايخ الصوفية استثارته إلا أنهم فشلوا ، فوصفوه بأنه وهابي أكفر من اليهود والنصارى ، وزعموا أن جهاده أيام دوداييف باطل لأن حرب دوداييف حرب وطنية فقط .
وقد حارب تحت راية جوهر دوداييف الرئيس الشيشاني السابق ؛ ولكن كان له برنامج خاص لمجموعته ، واعترض عليه في بداية جهاده في الشيشان بعض الدعاة ، فقالوا : كيف تقاتل مع صوفية وحلولية ، فكان يحدِّث أصحابه أن هؤلاء حديثي عهد بكفر وإلحاد ؛ فلا تعجلوا ، واستطاع أن يقنعهم كعادته في أسلوب الإقناع وهو الذي قال فيه أحد زملائه : لو قال خطاب عن كأس اللبن إنه ماء لصدقته ، وهذه من نعمة الله عليه.
خطاب رجل السياسة
مفكرة الإسلام :المتتبع لسيرة خطاب سواء من خلال أحاديثه على الأشرطة أو تصريحاته الصحفية يعرف يقيناً أن هذا الرجل متشبع بالفكر السياسي الذكي ، واستطاع من خلال هذا الشيء أن يحفظ الجهاد الشيشاني ، بل وأن يقدم له الانتصارات العسكرية المهمة ، ونستطيع في هذه العجالة ذكر نقاط حساسة جداً تعامل معها رحمه الله بالعقل الواعي والفهم السليم والفكر الحاذق :
كان يرفض رحمه الله فكرة تدويل القضية الشيشانية ، لأنه يعلم أن الغرب الكافر لن يأتي إلا بِشَر ، حيث أخذ دروساً مهمة من الجهاد في البوسنة وكيف أن ثمرة الجهاد دمرت من خلال اتفاق دايتون الأمريكي الظالم ؛ وإن كان أحياناً ينادي المجتمع الدولي بالقيام بواجباته تجاه الشعب الشيشاني ، وكان يقول هذا من باب المناورة السياسية فقط .
محاربة أي تدخل للأمم المتحدة في شئون هذه الجمهورية خاصة وأنه يعلم أن هذه المنظمة أداة مطيعة في يد أمريكا ، والتي لا يشك أي مسلم في بغضها وكرهها للإسلام وأهله ، وهذا لا يمنع من تصريحات يصدرها أحياناً يعيب فيه هذه المنظمة لتخاذلها عن نصرة شعب الشيشان ، وكل هذا كما قلنا يريد به مناورة فقط ، وكذلك يريد أن يعري حقيقة هذه المنظمة أمام الشعوب المسلمة ، وكيف أن لها وجهين وجه العطف والمحبة مع الكفار ووجه البغض والمحاربة ضد المسلمين .
كان لا يستعدي الدول الإسلامية ضده ، وهذه من أهم الأشياء التي حافظ بها خطاب على بقاء جهاده ، فهو لم يسب حاكماً مسلماً بعينه في أي تصريح من تصريحاته ، وهذا الذي جعل الحكومات المسلمة لا تحاول ملاحقة أتباعه ملاحقة دقيقة . نعم قد يحصل تحقيق وسجن ولكن كانت هذه الحالات قليلة إذا ما قورنت بما حصل في حرب أفغانستان القريبة ، وكانت بعض الدول العربية قد تغض الطرف أحياناً عن مسألة جمع التبرعات لذلك الشعب والتي بدورها تصب في ميزانية جهاده .
استطاع ضبط رفاقه بعدم التعدي على الدول الإسلامية وغير الإسلامية غير المعنية بالنزاع ، فلم يعهد عن أحد من أتباعه أن قام بعمل في أي دولة مسلمة بل ولا حتى الدول الكافرة ، ولهذا لما طالبت روسيا من بعض البلدان العربية بمحاربة الإرهاب بدعوى أنه هو أساس الحرب الشيشانية لم تستجب لها ولا دولة ، وكان موقف هذه الدول التهكم بذلك الطلب علانية ، وبهذه الطريقة نجح خطاب بدرجة عالية من التخطيط أن يحصر عداوته مع الروس فصار العدو واحداً فقط ، وهذا هوَّن عليه المهمة الجهادية .
جعل القيادة العسكرية بيد الشيشانيين مع أنه أكثر شخص مؤهل لها ، والسبب في ذلك أن الشعب الشيشاني عرف بحميته لأرضه وعرقه ، فخشي أن يكون ذلك مدخلاً لخلخلة الجهاد من خلال العملاء والخونة الذين يجيدون هذا النوع من المكر ، وكذلك كان هناك الصوفية يحاولون نزع الإجماع الشعبي من حوله بالتذكير بأصله غير الشيشاني ، وقد دخل تحت قيادة جوهر دوداييف القائد الشيشاني السابق ، وأعجب خطاب به لخفة نفسه وحسن تعامله ، وارتفع في نفسه عندما سأله قائلاً : ما هو هدفكم من الجهاد ياجوهر دوداييف ؟ فقال القائد الشيشاني : كل طفل من القوقاز هُجِّر إلى المهجر عشرات السنين يحلم أن يرجع الإسلام إلى أرضه.
وسّع محيط الجهاد من خلال وضع مجلس واحد لداغستان والشيشان ، وهو يريد بذلك توسيع محيط الرقعة الجهادية لأن الشيشان بلد صغير جداً ، كذلك استطاع بهذه الطريقة أن يحرك عدداً هائلاً من الداغستانيين للجهاد ، فتشتت جهود روسيا من خلال توجيه الضربات الخطافية من عدة بلدان بدلاً من بلد واحد ، واستطاع بهذه الطريقة تخفيف الضغط العسكري عليه وعلى مجاهديه .
أحيا حب الجهاد والاستقلال في نفوس الشعوب المسلمة في آسيا الوسطى من سيطرة الحكومات الشيوعية العميلة ، ولهذا صارت مَعَاهده روضة طيبة يُستقبل من خلالها طلاب ومجاهدو التتر والداغستانيين والطاجيك والأوزبك وغيرهم من شعوب القرم ، فصارت نبتة طيبة تنمو في الجمهوريات الإسلامية .
كان يكره الالتحام مع المخالفين ممن ينتسبون إلى الإسلام حتى لا يُنْشَغل بالمسلمين عن عدوهم المشترك ، فيمنع التعرض للجماعات السنية بأي سوء حتى لا يحصل التشرذم والتفرق ، ولهذا كان إذا سمع أحداً يخوض في هذا يقول له : عجباً لبعض الناس سلم منه الملاحدة والنصارى ولم يسلم منه إخوته المسلمون ، وعندما كان في طاجكستان حاول القائد الطاجيكي العسكري رضوان التحرش به والإساءة إليه ، ورغم طلب الأخوة من خطاب أن يرد عليه إلا أنه رحمه الله طلب منهم أن لا يشغلهم هذا القائد الحاسد عن قتال الشيوعيين ؛ حتى أنه عندما جاء إلى الشيشان كان 60% من طلابه ومجاهديه صوفية ، ثم لبث معهم فترة حتى صحح معتقدهم رغبة منهم واقتناعاً.
كان يرفض رحمه الله فكرة تدويل القضية الشيشانية ، لأنه يعلم أن الغرب الكافر لن يأتي إلا بِشَر ، حيث أخذ دروساً مهمة من الجهاد في البوسنة وكيف أن ثمرة الجهاد دمرت من خلال اتفاق دايتون الأمريكي الظالم ؛ وإن كان أحياناً ينادي المجتمع الدولي بالقيام بواجباته تجاه الشعب الشيشاني ، وكان يقول هذا من باب المناورة السياسية فقط .
محاربة أي تدخل للأمم المتحدة في شئون هذه الجمهورية خاصة وأنه يعلم أن هذه المنظمة أداة مطيعة في يد أمريكا ، والتي لا يشك أي مسلم في بغضها وكرهها للإسلام وأهله ، وهذا لا يمنع من تصريحات يصدرها أحياناً يعيب فيه هذه المنظمة لتخاذلها عن نصرة شعب الشيشان ، وكل هذا كما قلنا يريد به مناورة فقط ، وكذلك يريد أن يعري حقيقة هذه المنظمة أمام الشعوب المسلمة ، وكيف أن لها وجهين وجه العطف والمحبة مع الكفار ووجه البغض والمحاربة ضد المسلمين .
كان لا يستعدي الدول الإسلامية ضده ، وهذه من أهم الأشياء التي حافظ بها خطاب على بقاء جهاده ، فهو لم يسب حاكماً مسلماً بعينه في أي تصريح من تصريحاته ، وهذا الذي جعل الحكومات المسلمة لا تحاول ملاحقة أتباعه ملاحقة دقيقة . نعم قد يحصل تحقيق وسجن ولكن كانت هذه الحالات قليلة إذا ما قورنت بما حصل في حرب أفغانستان القريبة ، وكانت بعض الدول العربية قد تغض الطرف أحياناً عن مسألة جمع التبرعات لذلك الشعب والتي بدورها تصب في ميزانية جهاده .
استطاع ضبط رفاقه بعدم التعدي على الدول الإسلامية وغير الإسلامية غير المعنية بالنزاع ، فلم يعهد عن أحد من أتباعه أن قام بعمل في أي دولة مسلمة بل ولا حتى الدول الكافرة ، ولهذا لما طالبت روسيا من بعض البلدان العربية بمحاربة الإرهاب بدعوى أنه هو أساس الحرب الشيشانية لم تستجب لها ولا دولة ، وكان موقف هذه الدول التهكم بذلك الطلب علانية ، وبهذه الطريقة نجح خطاب بدرجة عالية من التخطيط أن يحصر عداوته مع الروس فصار العدو واحداً فقط ، وهذا هوَّن عليه المهمة الجهادية .
جعل القيادة العسكرية بيد الشيشانيين مع أنه أكثر شخص مؤهل لها ، والسبب في ذلك أن الشعب الشيشاني عرف بحميته لأرضه وعرقه ، فخشي أن يكون ذلك مدخلاً لخلخلة الجهاد من خلال العملاء والخونة الذين يجيدون هذا النوع من المكر ، وكذلك كان هناك الصوفية يحاولون نزع الإجماع الشعبي من حوله بالتذكير بأصله غير الشيشاني ، وقد دخل تحت قيادة جوهر دوداييف القائد الشيشاني السابق ، وأعجب خطاب به لخفة نفسه وحسن تعامله ، وارتفع في نفسه عندما سأله قائلاً : ما هو هدفكم من الجهاد ياجوهر دوداييف ؟ فقال القائد الشيشاني : كل طفل من القوقاز هُجِّر إلى المهجر عشرات السنين يحلم أن يرجع الإسلام إلى أرضه.
وسّع محيط الجهاد من خلال وضع مجلس واحد لداغستان والشيشان ، وهو يريد بذلك توسيع محيط الرقعة الجهادية لأن الشيشان بلد صغير جداً ، كذلك استطاع بهذه الطريقة أن يحرك عدداً هائلاً من الداغستانيين للجهاد ، فتشتت جهود روسيا من خلال توجيه الضربات الخطافية من عدة بلدان بدلاً من بلد واحد ، واستطاع بهذه الطريقة تخفيف الضغط العسكري عليه وعلى مجاهديه .
أحيا حب الجهاد والاستقلال في نفوس الشعوب المسلمة في آسيا الوسطى من سيطرة الحكومات الشيوعية العميلة ، ولهذا صارت مَعَاهده روضة طيبة يُستقبل من خلالها طلاب ومجاهدو التتر والداغستانيين والطاجيك والأوزبك وغيرهم من شعوب القرم ، فصارت نبتة طيبة تنمو في الجمهوريات الإسلامية .
كان يكره الالتحام مع المخالفين ممن ينتسبون إلى الإسلام حتى لا يُنْشَغل بالمسلمين عن عدوهم المشترك ، فيمنع التعرض للجماعات السنية بأي سوء حتى لا يحصل التشرذم والتفرق ، ولهذا كان إذا سمع أحداً يخوض في هذا يقول له : عجباً لبعض الناس سلم منه الملاحدة والنصارى ولم يسلم منه إخوته المسلمون ، وعندما كان في طاجكستان حاول القائد الطاجيكي العسكري رضوان التحرش به والإساءة إليه ، ورغم طلب الأخوة من خطاب أن يرد عليه إلا أنه رحمه الله طلب منهم أن لا يشغلهم هذا القائد الحاسد عن قتال الشيوعيين ؛ حتى أنه عندما جاء إلى الشيشان كان 60% من طلابه ومجاهديه صوفية ، ثم لبث معهم فترة حتى صحح معتقدهم رغبة منهم واقتناعاً.
تاريخ جهاده
مفكرة الإسلام :التحق خطاب رحمه الله بالجهاد الأفغاني عام 1408هـ بعد رمضان مباشرة وله من العمر 17 عاماً ؛ حيث ترك دراسته في شركة أرامكو البترولية وكان رحمه الله يحرص على التوثيق السريع بعلاقاته مع المجاهدين ؛ ولهذا لما انطلق من السعودية أخذ معه وثيقتين للتعريف به . الأولى من مدير مكتب خدمة المجاهدين في الدمام ، والثانية من أحد الأشخاص الذين يعزهم مسئول الهلال الأحمر السعودي في باكستان ، وبقي هناك شهرين ثم رجع وحج وعاد مرة أخرى إلى أفغانستان ، وبقي فيها إلى نهاية الجهاد عام 1412هـ ولكنه رجع خلال تلك الفترة للعلاج من إصابة أصابته أثناء إحدى المعارك الأفغانية ، وظهرت حنكته وبراعته في مدينة لوجر الأفغانية ، وولي قيادة " سرية أحد " التي أصبحت فيما بعد نموذجاً يحتذى به في سرايا المجاهدين ، ثم انتقل بعد ذلك إلى طاجكستان لمدة سنة واحدة ؛ حتى أصيب في معركة من المعارك ، وقطعت أصبعين من أصابع يده اليمنى بسبب قنبلة يدوية ، واضطر إلى الذهاب إلى الشيشان لعلاج يده واستقر به المقام والجهاد هناك .
ثوابت في جهاد خطاب رحمه الله
مفكرة الإسلام :لم يكن المجاهد و القائد خطاب رحمة الله عليه ، يقاتل بأسلوب عشوائي ، أو يجاهد انطلاقا من عاطفة غير موزونة ، بل كان في جهاده عبر سنوات طويلة ينطلق من ثوابت واضحة و أكيدة استمدها من كتاب الله و سنة النبي عليه الصلاة و السلام ، و تعلمها من إخوانه المجاهدين الذين التقاهم عبر خمسة عشر عاما من الجهاد المتواصل، و فيما يلي نذكر أهم الثوابت في جهاد القائد خطاب ...
- أولاً : الجهاد ليس مرتبطا بحياة القائد ، إن بقي يمضي الجهاد في طريقه ، و إن قتل ضعف الجهاد ، و هذ أمر كان خطاب رحمه الله يؤكد عليه ، لأنه يعلم أنه من الممكن أن يلقى حتفه في أي لحظة ، و قال في أحد الحوارات معه : " همم المسلمين لا تضعف باستشهاد القادة ، بل تقوى بفضل الله لأن العمل لله عز و جل و ليس للأشخاص " ...
- ثانياً : الجهاد هدفه الأول إقامة شرع الله عز و جل ، هكذا كان خطاب يعتقد ، و يظهر ذلك جليا في مراحل كثيرة من حياته و كلماته ، فقد ذهب هو و إخوانه لكي يدعموا المسلمين في القرى الداغستانية التي اعلنت إقامة الشريعة ، فأعلنت روسيا الحرب عليها ، كما أنه ذكر أكثر من مرة أن تطبيق الشريعة هو الهدف الرئيس للجهاد في الشيشان ، و يقول خطاب : " لا تريد أيّ دولة أن تنفّذ قوانين الله اليوم ، كانت أفغانستان في حالة حرب لمدّة عشرين سنة ، و القرار المأخوذ من قبل طالبان , سواء سرّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة أو لم يسرهم ، هو قرار على أساس الشريعة ، إنهم يتحدّثون لغة الشريعة ، و الدول العربية ومواطنوهم المسلمون سوف يساندون أفغانستان ، أنّ غرضهم هو الشريعة ، ليس هناك اختيار للمسلمين اليوم ، يجب حماية الشريعة ، حتى عند سجودنا في الصّلوات ، واجبنا هو حماية الشريعة التي تحقّقت في أفغانستان ، و هؤلاء الذين سوف يحاولون أن يكسروا الشريعة ، ينبغي أن يدفعوا ثمنا كبيرا " ...
- ثالثاً : لا سبيل للتفاوض مع أعداء الله ، و لا يمكن أن يجلس المجاهدون مع قتلة المسلمين على مائدة واحدة لكي يخرجوا بقرارات وهمية ، يذوب أثرها قبل أن يجف حبرها ، و يقول خطاب ردا على احتمال التفاوض مع الروس : " لم نناقش هذا السّؤال أبدًا و ليس لدينا وقت له ، لا يفكّر المجاهدون في المفاوضات كما قال شامل سوف يكون كل شيء طبقًا للشريعة ، و أي شيء يكون هكذا سيتقبله المجاهدون ، و أيّ شيء ضدّه لن يقبل ، إذا غادرت جيوشهم ذلك ممكن ، لكنّ بينما تكون جيوشهم هنا , حتّى على متر واحد لهذه الأرض ، الحرب لن تنتهى ، من يريد دعه يتكلّم معهم ، و من هو جاهز ، فليتفاوض ، و لكنّ يجب أن لا تبقى هنا ولا أيّ وحدة هندسة , و لا جنديّ ، لا ينبغي أن تنتهي المفاوضات , كما في الحرب الأخيرة " ... و في مناسبة أخرى قال خطاب : " لقد حاول القادة الميدانيون من قبل حل القضية بطرق المفاوضات طبقاً لشروط دولية والنتيجة أن الحرب كانت مستمرة بشكل آخر ضد الشعب الشيشاني وشباب القوقاز المسلم في داغستان وقرتشاي وأنغوشيا وسائر الجمهوريات ، وكما قال أخي شامل باسايف - حفظه الله - أن الجميع على قناعة تامة أنه لا يوجد حل إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية ومحاكمة روسيا ومجرمي الحرب فيها ولو بعد حين ...
- رابعاً : لا انتهاء للحرب مع الكافرين إلا بأن يزال الضرر الواقع على المسلمين ، و أن ترجع إليه حقوقهم ، و أراضيهم ، و يستردوا حريتهم ، أما وضع نهايات أخرى ملفقة للحروب ، فذلك أمر من قبيل الخداع ، لا ينبغي الاستجابة له ، و في ذلك يقول خطاب رحمه الله ردا على سؤال حول قدرة المجاهدين على الصمود و متى تنهي الحرب بالنسبة لهم : " نعم – إن شاء الله - فلو لم تكن عندنا القدرة على ذلك لما دخلنا ( داغستان) لنجدة إخواننا في مناطق إقليمي (بوتليخ) و (كراماخي) لقتال الجيش الروسي المريض الذي أوقف الحرب في سنة (1996م) بعد دخول المجاهدين (جروزني) للمرة الثالثة ، وحصار القوات الروسية فيها من كل مكان ، وضرب قوافلهم عدة مرات ، وهذا السؤال الأحرى أن يوجه إلى قيادة الجيش الروسي المتهالك : هل عندهم القدرة على مواصلة القتال ضد المجاهدين أم لا ؟ أما إلى متى هذه الحرب؟ فنحن نقول حتى يباد الجيش الروسي في القوقاز وما ذلك على الله بعزيز "
- خامساً : القائد ليس منصبا مريحا ، و لا يعني الأمان أو الابتعاد عن أوجه الخطر ، بل بالنسبة إلى خطاب القيادة معناها مزيد من التضحية ، و الفداء لإخوانه من كل خطر ، القيادة هي مسؤولية و ولاية تولاها على المسلمين ، فعليه أن يكون ناصحا لهم ، و هكذا كان خطاب رحمه الله ، كما يروي عنه رفاقه ، و يقول أبو عمر النجدي في مقالاته عن الانحياز من جروزني ، و الصعاب التي واجهوها في ذلك ، : " قام القائد خطاب حفظه الله برصد الطريق بنفسه لضمان سلامة الطريق وسهر الليالي الطوال المتواليات يفكر في أمر الجرحى والمرضى والأصحاء على حد سواء ، ولا غرابة في ذلك فقادتنا يسيرون على نهج المصطفى ( و يقتدون بأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين " ، و يقول في موضع آخر : " كان القائد العام حفظه الله يبحث لنا عن طريق سهل علينا يحافظ فيه على قوانا وطاقتنا فعرض نفسه للخطر أكثر من أربع مرات كل ذلك حتى يجنبنا الإرهاق وذلك بصعود جبل شاهق كان يعرف أنه سينهك قوانا لو سلكناه أولاً فحاول الاستبقاء على قوانا ولكن دون جدوى ، فأمرنا أخيراً بعد المحاولات مضطراً الصعود إلى الجبل الذي تجنبه أولاً " ، أما خطاب نفسه ، فيقول ردا على سؤال حول اتهام قادة المجاهدين بأن لهم اتصالات سرية مع الروس : " كلّنا في أيدي الله. هنا نحن - واحد بدون رجل ، آخر بدون يد، و الثالث بدون عين، جروح ، و شلل. نحن بين المجاهدين، نشارك في العمليّات، نطلق النيران من مسدّسات و نستخدم القنابل اليدويّة، و المدافع الرّشّاشة و باختصار أكبر، نقاتل بمعية الآخرين، و نحن في المقدّمة مثل المجاهدين الآخرين. عند الخروج إلى المعركة نطلب من الله الشهادة في سبيله. كلّ الأمور الأخرى هي أقاويل لا أساس لها ، من يريد أن يعمل في طريق اللّه دعه يأتي هنا ليرى كيف نجاهد ، كنّا في كلّ مكان - في دبا-يورت، جوهر، و في كلّ مكان ، حيث كانت هناك مشاجرات مكثّفة ، من جرح في البداية ؟ كان هؤلاء شامل و حرّاسه ، و من الأوّل للمرور فوق الألغام ؟ كانوا القادة ، و قد استشهد الكثير ، أصدقاء أكثر حميميّة لأصلان بيك و شامل و الآخرون فقدوا ، من انفجر , من جرح , و من أسر ؟ نحن لن نمدح و نخصّص كلّ شخص ، لكن الحقيقة أن أمراء كثيرين أصبحوا شهداء و هم ينقذون مجاهدين " ...
- سادساً : وحدة الصف هي دعامة أساسية في مواجهة عدو غاشم و ملحد كالروس ، و عندها ينبغي التغاضي عن أي خلاف سياسي ، و اعتبار أن الجميع في خندق واحد ، و كان خطاب رحمه الله رغم ما بينه ، و بين أصلان مسخادوف من اختلافات كثيرة في المواقف أو الرؤى ، إلا أنه كان يحرص على إظهار وحدة الصف ، و أن الخلاف أمر طبيعي ، و المهم أن يكون الجميع في نفس الخندق ، يقول خطاب عن مسخادوف : " أصلان مسخادوف هو رئيس الجمهورية الشيشانية كما هو معلوم ، أما عن وجود خلافات ، فلا يخلو قوم منها وهذه من طبيعة البشر ، ولكن المهم أن الجميع يد واحدة وعلى قرار واحد في مواصلة الجهاد ضد الجيش الروسي الغاشم حتى نهايته ، وهذه بداية النهاية بإذن الله تعالى "...
- سابعاً : "لا ينبغي للقائد أن يصاب بالياس أو القنوط من رحمة الله تعالى ، حتى و هو في احلك الظروف ، و عليه أن يبذل كل الجهد للخلاص من الأزمة ، دون أن يبدي هلعا أو يثير الفزع في نفوس الإخوان ، و كان خطاب رحمه الله ذا إرادة حديدية لا يعرف اليأس لقلبه طريقا ، و في حصار جروزني الشهير ، لما ضاقت السبل بالمجاهدين ، لم يدفعهم ذلك للاستسلام أو التخاذل ، بل صمدوا ، حتى تحقق لهم الانحياز بما يشبه المعجزة العسكرية ، و يقول خطاب نفسه واصفا إحدى المواقف العصيبة أثناء ذلك : " أرسلت الأخ أبا عمر النجدي فضلَّ الطريق وانقطعت أخباره عنا ، ثم ذهبت أنا وأبو الوليد لنرصد الطريق فلما وصلنا إلى إحدى الغابات في الليل لمحنا ناراً من خلال الأشجار فظننت أنهم من المجاهدين ، فلم أتقدم خوفاً من أن يظنونا من الروس فيرموا علينا ، ولم أتوقع أنهم من الروس فلم يكن لهم من قبل أماكن كهذه ، فتقدم أبو الوليد إلى ثلاثة أمتار منهم وقال السلام عليكم ثلاث مرات ولكن لم يردوا فتراجع إلى الخلف وفتح أمان السلاح ، ثم أرسلت أحد الإخوة الشيشانيين لكي يتفاهم معهم بالشيشانية فبدأ الروس بإطلاق النار ، وجرح أحد الإخوة الشيشانيين وانسحبنا من المكان ، وقبل هذا كنت بجوارهم أتكلم في جهاز اللاسلكي لفترة طويلة ولكنهم لم يسمعوا ، ثم بدأنا نبحث عن طريق آخر وصعدنا إلى قمة أخرى لنسلكها وعند السير فوجئنا بكمين آخر للروس ، وبدأ إطلاق النار قتل فيه أحد الإخوة ، وجرح الأخ أبو الوليد في ظهره ثم انسحبنا لنبحث عن طريق ثالث ، وعلمنا أن الطريق الذي نحن فيه لا يصلح لوجود الروس فيه بكثرة ، فأرسلنا أحد الإخوة الشيشانيين فرجع ولم يكمل الطريق لأن الثلج قد نزل وأعاقه عن مواصلة الطريق ، فبدأت أجتهد وأبحث عن طريق آخر فلم يكن أمامي سوى خيار واحد هو صعود الجبل الذي إلى يسار الوادي - أي من جهة الشرق تقريباً - فأرسلت المجموعة الأولى معها أبو ذر الطائفي رحمه الله عبر هذا الطريق لكي يدخلوا إلى القرى ثم نأتي نحن من بعدهم ، وعندما سار أبو ذر كان الطريق جيدا ولكنه لا حظ على يمين الطريق مواقع للروس تبعد حوالي 1 كم فأخبرني بجهاز اللاسلكي عندها لم تطمئن نفسي لهذا الطريق ، فصعدت إلى أعلى الجبل وهناك جلست ، وفي اليوم السادس كان الروس يمشون على آثار الأخوة الذين مشوا بالأمس فتقابلنا في الجبل الذي يطل على الوادي الذي به المجاهدون وبدأت الرماية ، وكان ذلك في الساعة 11 قبل الظهر ثم جاءت المجموعات الأخرى بعدنا " ... و يقول أبو عمر في مقالاته : " من الملاحظ أننا لم نكن نسمع المكالمات بين القادة ومجموعات الاستطلاع ، ولم نكن نعلم بالمحاولات التي يجريها القادة للخروج بنا من بعض المواقف الصعبة ، ولكننا سمعنا صوت أبي ذر يوم نادى القادة بالجهاز وأخبرهم عن وجود طريق نخرج منه خارج وادي الموت ، وأظن أن القادة وخاصة القائد العام كان حريصاً على ألا يصلنا أي خبر عن تفاصيل محاولات الخروج وخاصة المحاولات الفاشلة وقصده في ذلك ألا يفت في أعضادنا ويحبط نفسياتنا ، وكان هذا الفعل منهم حقاً فعلاً رشيداً اقتدوا فيه بسيد الأولين والآخرين ، ولم يسمعونا إلا الأخبار السارة والبشرى الحسنة ، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم " ...
- ثامناً : الرفق بالمدنيين والحرص على سلامتهم فالجهاد بالنفس و طلب الشهادة ، و التضحية بالغالي و النفيس ، لا يعني ان يتعامل المجاهدون مع المدنيين و الاهالي ، بنفس الأسلوب الذي يتبعونه مع أنفسهم ، بل ينبغي الرفق بهم ، و الحرص عليهم و على أرواحهم ، و كان خطاب رحمه الله مدركا لذلك تماما ، و كان حريصا على ألا يصيب الأهالي أي أذى بسبب المجاهدين ، يقول أبو عمر حاكيا عن دخول المجاهدين قرة تاوزني: " كان استقبال أهل القرية للمجاهدين عجيباً حيث خرجوا لهم بالطعام والشرب بل وفتحوا أبواب بيوتهم للمجاهدين للنوم والاستحمام والاستراحة مما كان له الأثر في رفع معنويات المجاهدين ، وارتحنا فيها بعد عناء طويل ، ثم أمرنا القائد العام بالخروج من القرية خشية أن يعلم الروس بنا فيحاصروا القرية ويؤذوا المدنيين ، فكان القادة حريصين على حياة المدنيين العزّل أكثر من حرصهم على راحة المجاهدين ، فالحفاظ على أرواح المدنيين كانت على قائمة المهمات التي يراعيها القادة فهم على استعداد أن يتحملوا ويحملوا المجاهدين العناء بشرط ألا يتضرر مدني واحد ، وكان من أهم الأسباب التي تم تحويل أسلوب حرب المجاهدين من حرب نظامية إلى حرب عصابات هو الحفاظ على أرواح المدنيين و حتى لا يقصف الروس القرى التي يقطنها المدنيون ، فمن قال أن المجاهدين يتترسون بالمدنيين فهو عدو يردد ادعاء الأعداء ولم نشهد من القادة إلا الحرص على أرواح المدنيين ودينهم وأعراضهم وأموالهم .."
الفكر الجهادي عند خطاب
مفكرة الإسلام :خمسة عشر عاما تقريبا قضاها خطاب رحمه الله في جهاد متواصل ، في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي ، في أفغانستان ، و طاجيكستان ، و داغستان , و الشيشان ، و خلال تلك الأعوام المتلاحقة ، تكونت لديه رؤية واضحة للجهاد في سبيل الله ، كانت تسوقه في مسيرته الباسلة ، و تمهد له الطريق في دروب الجهاد الوعرة ، رؤية تنطلق من كتاب الله و سنة نبيه عليه الصلاة و السلام ، و ترتكن على خبرة و تجربة عريقة رغم حداثة السن ، و يمكن ان نصوغ معالم الفكر الجهادي لخطاب في النقاط التالية :
- أولا : الجهاد ذروة سنام الإسلام ، و له أهدافه التي لا ينبغي أن يحيد عنها المجاهدون ، و إلا لم يعد ما يفعلونه جهادا ، و الانطلاق من الكتاب و السنة ، وفهم السلف في مسيرة الجهاد الطويلة الشاقة أمر لا تفريط فيه ، و كان خطاب رحمه الله سلفيا بمعنى الكلمة في جهاده ، فقد كان يرى أن تطبيق شرع الله هو الهدف الأسمى للجهاد ، كما أن نصرة المسلمين واجب شرعي لا يترك ، يقول : " نحن أمام واجب شرعي قبل أن تكون مهمة إنسانية ، وهذا الواجب هو تقديم النصرة لإخواننا المسلمين في كل مكان بالنفس والمال ، كما قال الله تعالى " وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر " .. و يكفي لإثبات سلفية خطاب في جهاده أن نقرأ ما قاله عنه الخائن احمد قديروف الصوفي الحاقد ، الذي استأجره الروس و حولوه من مفت للشيشانيين إلى مندوب لهم في الشيشان ، يقول أحمد قديروف عن خطاب و رفاقه : " أنا لا أستطيع التنقل بدون حراس ، ومع ذلك وبالرغم من الحراسة فقد تأذيت على أيدي الوهابيين – خطاب و رفاقه من العرب - خسرت خمسة أفراد من حراسي " ، و يقول : " لقد فجروهم لأني أعلنت أن الإسلام العصري الذي كان سائداً في أرض الشيشان سيعود، ولن أسمح بتغييره، ولن أسمح بمجيء تيار آخر بزرع الفرقة بين الشعب، لن أسمح بمجيء من يسميهم كتاب الله أهل دم " ، و يضيف : " نحن عندنا مذهب السوفيتي الصوفية منذ أن اعتنقنا الإسلام ، وبالتالي هل جميعنا مشركون على مدى الأجيال ، قبل أن يظهر عندنا أبو عمر ، وعبد الرحمن ، وخطاب ، وغيرهم " ..
- ثانيا : يوقن خطاب تماما أن النصر في هذه المعركة الشرسة مع الروس ثاني أقوى دولة في العالم ، إنما يكون بتوفيق الله سبحانه و تعالى ، و بقوة الإيمان و اليقين ، يقول : " يعود سبب وقوفنا في وجه هذه الآلة العسكرية وانتصاراتنا عليهم لفضل لله - عز وجل – أولاً ، ثم إلى الرسالة الصادقة التي يحملها المجاهدون في الدفاع عن عقيدتهم وأرضهم حتى يحققوا الخلاص من الحكومة الروسية المتهالكة " ، و يقول : " أما عن السلاح فعندنا سلاح الإيمان والتوكل على الله وحده أولاً ، ثم السلاح الروسي الذي نغنمه من القوات الروسية ( وجعل رزقي تحت ظل رمحي) كما قال صلى الله عليه وسلم "
- ثالثا : الحرب التي يخوضها العالم الغربي ، و روسيا ، إنما هي في مجملها حرب ضد الإسلام ، مهما اختلفت المسميات ، و مهما حاول الكافرون أن يظهروها على غير ذلك ، و يقول خطاب في هذا الشأن : " الحرب ضدّ الإسلام بدأت منذ وقت طويل ، لكنّ الآن هي ببساطة حرب علنية ، بالإضافة إلى ذلك ، يريدون أن يدمّروا الإسلام باستعمال أيدي مسلمة ، و يسمّوننا إرهابيّين , لتبرير قتلهم ، يعرف العالم بالكامل , من الإرهابيّون الحقيقيّون ، لكنّ الجميع صامت ، لأن ذلك في مصلحتهم .. " .
و في وعي واضح لأسلوب الغرب في استغلال شخص أو مجموعة لتبرير الأعمال التي تقوم بها ، ضد شعب أو شعوب بأكملها ، قال خطاب تعليقا على الاتهام الأميركي لبن لادن أنه السبب في إشعال هذه الحرب الهائلة : " لا يمكن أن يكون شخص واحد السبب لمثل هذه الحرب الكبيرة ، إنّها كذبة ، الأسباب الحقيقيّة مختلفة ، الجميع ينبغي أن يبرّر أفعاله لذلك اعتبر أسامة بن لادن مذنب و سيّئ ، هناك حكم إسلاميّ في أفغانستان ، هناك شريعة ، و المسلمون هناك أقوياء ، الغرب و روسيا مستاء من ذلك منذ وقت طويل ، و يبحثون عن الأسباب لبدء حرب ، حتّى لا يسمحوا للشريعة أن تنشئ في الدولة .. " ...
- رابعا : يعلم خطاب جيدا في جهاده ضد الروس أن هزيمتهم لن تكون هزيمة عسكرية بالمعنى المفهوم ، أي مواجهة بين جيش الشيشانيين و الروس تنتهي بانتصار المسلمين ، و انسحاب الروس لعجزهم العسكري ، و لكن النصر على الروس يكون إن شاء الله باستغلال أهم نقطة ضعف عندهم ، و هي العجز عن تحمل قدر كبير من الخسائر البشرية بالأخص يستمر لفترة طويلة ، على الرغم من احتفاظهم بقوتهم العسكرية كاملة كما هي ، و قدرتهم على تعويض خسارتهم ، يقول خطاب – رحمه الله - : " الجميع يعرف أنّ الرّوس حضّروا لهذه الحرب بعناية فائقة ، نحن نعتبر كجماعة من قطاع الطرق الصغيرة ، لكنّ الرّوس بدءوا حربهم كما لو كانوا في حالة حرب مع جيش منضبط ، استعملوا كلّ الأسلحة الموجودة لديهم ، لكنّ إن شاء الله، ليس من الممكن أن يفوزوا بهذه الحرب ، منذ سنتين ، لم يستطيعوا فعل شيء معنا ، اليوم الرّوس قد فهموا جيّدا أنّ الحلّ العسكريّ للمشكلة لن يساعدهم ، فقد ثارت الأمّة بالكامل على روسيا ، عرفنا , بالتّأكيد ما هي الطريق التي يجب أن نسلكها عندما قبلنا هذه الحرب ، نحن اليوم أقوى مما مضى ، يوميًّا ندمّر القوّة البشريّة الكثيرة و قوات الهندسة ، مع ذلك روسيا تحاول أن تخفي خسائرها ، يظهرون أن شخص واحد قتل ، و واحد و نصف جرح ، لقد فزنا بهذه الحرب بالفعل ، لكنّ الرّوس مازالوا لا يعترفون بذلك ، فيما بعد سيعرفون ما هو الأفضل لهم " ..
- خامسا : في إطار المواجهة العسكرية مع الجيش الروسي يعتبر خطاب و رفاقه أن أهم عوامل التفوق و إرباك العدو ، هو عدم وجود أي منشآت حيوية ، أو مقرات ثابتة للمجاهدين في الشيشان ، بل هم دائما مجموعات صغيرة دائمة التنقل ، يتبدل مكانها من المدن و القرى إلى الجبال حسب تطورات المعارك ، و ينعى خطاب على الجيش الروسي الذي عجز عن التوافق مع هذا التكتيك فمضى يحارب المجاهدين بأسلوب عقيم لا يتناسب مع ظروف الميدان ، فيقول : " أود أن أبين قضية مهمة بالنسبة للوضع العسكري الروسي : عدد القوات الروسية في داخل جمهورية الشيشان تضاعف من خمسين ألفاً إلى ما يقرب من مائتي ألف جندي ، وهذا العدد الضخم ضد قوات المجاهدين القليلة نسبياً لا شك أنه يفرض نفسه في واقع التكتيك الميداني ، ومع هذا العدد الكبير إلا أن القوات الروسية استخدمت تكتيكات كانت تعتقد أنها سوف تنجيها من الفشل الذي لحق بها في الحرب الأولى ، و هو الضرب من بعد كما فعلت قوات الأطلسي في يوغسلافيا ، ومحاولة تجنب الاشتباك القريب مع المجاهدين ، إلا أن هذا التكتيك كان فيه سوء تقدير فنحن لا نشبه الحكومة اليوغسلافية من حيث إننا نعتمد على منشآت حيوية ومواقع استراتيجية لإدارة الحرب ، ولكننا في الشيشان نعتمد أولاً على الله في إدارة الحرب ، ثم لدينا طرق أخرى لا تعتمد على مرافق ولا منشآت حيوية أو حتى ترتبط بمدن معينة ، فهذه التقديرات الخاطئة التي اعتمدت عليها القوات الروسية في وضع خطتها العسكرية سببت لها إحراجاً شديداً ، وهي الآن تقرر مضطرة استخدام أساليب حرب المشاة والاشتباك في ميادين القتال ، ولهذا بدأت بتهيئة الرأي العام الروسي لاستقبال أعداد كبيرة من جثث الجنود.
- سادسا : كان خطاب يؤمن بالجهاد من خلال الإعلام و نقل عنه أنه قال " إن الله أمرنا بمجاهدة الكافرين وقتالهم بمثل ما يقاتلوننا به . وهاهم يقاتلوننا بالدعاية والإعلام لذلك فيجب علينا أيضا مقاتلتهم بإعلامنا " ، لذلك فهو دائماً يصر على تصوير كل عملياته . ويقولون إن لديه مكتبة بها مئات الشرائط المصورة في أفغانستان وطاجيكستان والشيشان . وهو يعتقد بأن الكلام وحده ليس كافياً لدحض الادعاءات الكاذبة لإعلام العدو بل يجب توثيق هذا الكلام بالأدلة عن طريق الأفلام المصورة لدحض ادعاءاتهم . وهو أيضا قد صور شرائط مطولة للعمليات الأخيرة في داغستان تظهر مقتل أكثر من 400 جندي روسي وهذا الرقم يزيد عشرة مرات عن الرقم الرسمي للمسؤولين الروس الذين قالوا أن قتلاهم في داغستان كانوا 40 جندياً .
- سابعا : النصر في المعركة بين المجاهدين و الروس ، له علامات خاصة ، و تدهور الأحوال العسكرية للجيش الروسي لا تعني بالضرورة أن يسترجع الشيشانيون أراضيهم و يطردوا الروس منها بين عشية و ضحاها ، بل لابد قبل ذلك من صبر طويل ، و استنزاف للعدو الروسي ، و هذا يعني أن الاحتفاظ بالأرض يحتاج إلى فقه واقعي عسكري حكيم ، ففي بدء المعارك أصر المجاهدون على الاحتفاظ بالمدن الرئيسة تحت سيطرتهم و قاوموا الغزو الروسي أسابيع طويلة ، لأن الاحتفاظ بها يرمز إلى الثبات ، و لكن لما اشتد الهجوم و زادت وحشية القصف ، و لحق الضرر بالمسلمين ، ظهرت المرونة في تكتيك المجاهدين ، حيث تنازلوا عن المدن التي يحتفظون بها ، و انتقلوا فورا إلى مرحلة حرب العصابات ، و التي من أهم شروطها عدم الاحتفاظ بمكان ثابت ، و الدفاع عنه بالقوة ، و في هذا المعنى يقول خطاب : " أود أن أبين أمراً يغفل عنه كثير من المطلعين على الحرب الآن ، و هو أن سقوط المدن الشيشانية أو حتى العاصمة لا يشكل هزيمة للمجاهدين ، ولا يشكل كذلك انتصاراً للقوات الروسية ، بل في تقديري إن سقوط المدن في أيديهم يشكل عبئاً عليهم ، فهم سيحولون تكتيكاتهم من الهجوم إلى الدفاع والمحافظة على المناطق التي سقطت ، والمتابع لأحداث الحرب الأولى ، يعرف أن سقوط المدن لم يشكل هزيمة للمجاهدين ولا نصراً لعدوهم ، فقد سقطت في الحرب الأولى تقريباً كل جمهورية الشيشان في أيدي القوات الروسية ، ومع ذلك لم تستطع الصمود أمام قوات المجاهدين أكثر من عشرين شهراً ، لا سيما أن وضع المجاهدين في هذه الحرب أقوى من وضعهم في السابق ، وكذلك وضع القوات الروسية أضعف من وضعهم في السابق ، ونحن نرجو من الله أن يؤيدنا بنصره ويهزم عدونا إنه على ذلك قدير ، فمهما كان فإن التقديرات المادية والعسكرية لا يمكن أن نعتمد عليها فنحن نعتمد على تقدير رب العالمين ولطفه بنا"
نظريات خطاب الجهادية الثلاث
مفكرة الإسلام : لم يكن المجاهد و القائد خطاب رحمه الله ، يقاتل بأسلوب عشوائي وإنما كان له فكر جهادي ناضج حتى أصبح مدرسة ومنهجا يدرسه أكبر المعاهد العسكرية في العالم،
وكان له رحمه الله نظريات ثلاث في جهاده:
- النظرية الأولى : التربية ، وعلى هذا الأساس كلما أتى بلداً من البلدان وأراد أن يفتح باب الجهاد فيها قام بأخذ مجموعة من شبابها ، ثم اعتنى بهم ووضعهم في محاضن دعوية حتى يكونوا هم أساس الدعوة والجهاد في ذلك البلد ، وفي الشيشان أنشأ معهد القوقاز الديني لتخريج الدعاة ، وأول مجموعة اعتنى بها في الشيشان كانت 90شخصا ثم صفاها حتى وصل عددها إلى 60 شخصاً وهم الآن أصل الجهاد في تلك البلاد ، مع العلم أنه وجد معارضة من بعض الطيبين في هذا الأمر حيث طالبوا بالقتال ابتداء وكانوا يحتجون بضيق الوقت واحتلال بلاد المسلمين والعبث بها ؛ ولكنه أسكنه الله فسيح جناته أصر على هذا الأمر ، وقد راهنهم عليه ونجح نجاحاً كبيراً .
وكان يحث جنوده على مسألة طالما نسيناها وهي مطابقة الفعل مع القول ؛ حيث كثيراً ما خاطب أصحابه من العرب قائلاً : إن هؤلاء لا يعرفون لغتكم ، ولا ينبغي أن يكون هذا حاجزاً بينكم وبينهم ؛ بل أروهم صدق أفعالكم .
- النظرية الثانية : التجهيز ، وهذه النظرية لا نظن أن أحداً يعلو عليه فيها ، فقد بلغ به الأمر أنه كان يجهز عتاد السنة ونحوها قبلها ، وكان يقول أيام حربه في طاجكستان : لا تكونوا مثل إخوة لكم يأتون لينصروا أناساً ، فإذاهم يطلبون من ينصرهم . لا مال معهم ولا سلاح ولا طعام .
فكان رحمه الله يُعْجِز من حوله بدقة الترتيبات ؛ حتى كان مدرسة في التنظيم والترتيب منذ كان في أفغانستان ؛ بل وقبلها أيضاً ، وكان استعداده يشمل الطعام والسكن والطريق والاستخبارات حول العدو بحيث يحصل التكامل في تجهيزه واستعداده .
- النظرية الثالثة : القتال ، وهذه مثلنا لا يتكلم عنها ؛ ولكن دع خبراء الروس يتكلمون عنها ، والذين طالب بعضهم أن تدرس أفكاره العسكرية في جامعاتهم ، ويكفي إعجابنا به أن نرى الشيشان صغيرة مكشوفة تكنولوجياً وعسكرياً ، ومع ذلك ينجح في مهمتين من كل منهما إنجاز في ذاته : حيث استطاع التخفي بجنوده والحفاظ عليهم ، واستطاع أيضاً دك القوات الروسية وإيقاع الخسائر بها.
قاتل عدوك قبل أن يغزوك
مفكرة الإسلام : لم يكن رحمه الله ممن يعتمد سياسة ردود الأفعال في جهاده بل كان رحمه الله يكرر قول : قاتل عدوك قبل أن يغزوك ، فلا ننتظره حتى يغزونا ، ثم نصيح كما تصيح النساء ؛ بل متى ما رأينا أنه قد همَّ بنا فإن كان لنا قدرة أوقفناه حتى لا يتجرأ على بقية بلاد المسلمين ، ولهذا غضب رحمه الله لما لامَه بعض الصالحين في غزوه لداغستان مما أشعل فتيل معركة الشيشان الثانية ؛ بل ورماه البعض بالعجلة وإلقاء المسلمين إلى التهلكة ، وهو من هذه التهمة براء ؛ حيث ذكر أن الروس قد جمعوا العزم على حرب هذه البلد مرة ثانية من خلال نشرهم لاستخباراتهم ، وكذلك صنعهم للتفجيرات في موسكو وغير ذلك من الأسباب التي تعطي الروس الضوء الأخضر لغزو الشيشان مرة أخرى ، فأراد رحمه الله أن يجعل الشيشان وداغستان بلداً واحدة كما كانت قديماً من أجل كسب مساحة أكبر في قتال العدو ، وكذلك إثارة أكبر عدد من المسلمين لمحاربة عدوهم .
وفعلاً تبين صحة رأي خطاب بعد أشهر ، وأظهرت روسيا نواياها وأطماعها ، وقامت بغزو الشيشان تحت مسمى " حرب الإرهاب " ، حتى قال رحمه الله : إلى متى ونحن الدعاة نجلس ننتظر العدو ؟ ونعلم أنه يجهز العدة لإبادتنا حتى يغزونا ويهلكنا ، فنقف على المنابر نشكو هتك الأعراض ، وقتل الأنفس ، واحتلال البلدان.
خطاب يبحث عن الموت !!
مفكرة الإسلام : يخطئ من يظن هذا العنوان مبالغا فيه بل هي عين الحقيقة ، وعندما نقول خطاب يبحث عن الموت فهو في نظر الكثيرين أما هو فيبحث عن الحياة الكاملة إنه يبحث عن الشهادة.
لم يجدها في أفغانستان رغم بحثه المضني ومحاولاته الدءوب فالتمسها في طاجكستان ولم ينلها أيضا فلم ييأس فغادر إلى الشيشان ولازال يبحث عنها في مظانها حتى بلغه الله مراده نحسبه كذلك، نسأل الله أن يتقبله في الشهداء.
ولم تكن رحلة الموت أو البحث عن الشهادة لم تكن مفروشة بالورود وإنما هي جراحات ومعاناة وبطولات أدهشت الأبطال أنفسهم قبل أن تدهش الروس الذين ربما سيبقون مدة طويلة غير مصدقين أن تغتال يد الغدر هذا البطل الذي أذاقهم الموت والذل سنوات طويلة.
بدأ رحمه الله رحلته منذ أربعة عشر عاما في أفغانستان وكان ذلك عام 1988 وحضر أغلب العمليات الكبرى في الجهاد الأفغاني منذ عام 1988 ومن ضمنها فتح جلال آباد وخوست وفتح كابل في عام 1993.
يصف أحد المجاهدين كيف أصيب بطلق ناري في بطنه بواسطة مدفع رشاش ثقيل من عيار 12.7 مم في أفغانستان (الطلقات عيار 12.7 مم تستخدم لاختراق الفولاذ والدروع ، وكما يقول الخبراء أنها لو أصابت إنسانا فإنها تحول اللحم البشرى إلى عجين من اللحم والدم.) .
يقول :" خلال إحدى العمليات كنا نجلس في حجرة في الخط الخلفي كان الوقت ليلاً وكان القتال في الخطوط الأمامية شديداً . بعدها بعدة دقائق دخل خطاب علينا الحجرة وكان وجهه شاحباً ومع ذلك فقد كان يتصرف تصرفاً طبيعياً . دخل الحجرة ماشياً ببطء ثم جلس في الناحية الأخرى من الغرفة بجانبنا وكان هادئاً لا يتكلم على غير عادته ، فأحس الاخوة أن هناك شيئاً غير طبيعي على الرغم انه لم ينبس ببنت شفة (بكلمة) ولم يظهر أي حركة توحي بأي شيء من الألم ، فسألناه إذا كانت به إصابة ؟ فرد انه قد أصيب إصابة بسيطة أثناء وجوده في الخطوط الأمامية لجبهة القتال وأنها ليست إصابة خطيرة ، فاقترب منه أحد الاخوة ليرى إصابته فرفض خطاب أن يريه شيئاً قائلاً أنها ليست خطيرة ، فأصر هذا الأخ على رؤية إصابته ولمس ملابسه بيده ناحية البطن فوجد الملابس غارقة في الدماء ، والنزيف لا يزال مستمراً بشدة ، فأسرعنا ونادينا سيارة ونقلناه إلى اقرب مستشفى ، في الوقت نفسه كان خطاب يردد طوال الوقت أن أصابته لا تستدعي كل هذا الاهتمام وأنها إصابة بسيطة .
بعد هزيمة السوفيت وانسحابهم من أفغانستان سمع خطاب ومجموعة صغيرة من إخوانه عن حرب أخرى تدور ضد نفس العدو ولكنها هذه المرة كانت في طاجيكستان فأعد حقائبه ومعه مجموعة صغيرة من الإخوة وذهبوا إلى طاجيكستان في عام 1993 ، ومكثوا هناك سنتين يقاتلون الروس في الجبال المغطاة بالثلوج ينقصهم الذخائر والسلاح .
وهناك فقد أصبعين من أصابع يده اليمنى ، حين انفجرت قنبلة يدوية في يده مما نتج عنها إصابة بالغة استدعت قطع أصبعين ، وقد حاول إخوانه المجاهدون إقناعه بالعودة إلى بيشاور للعلاج ولكنه رفض وصمم على وضع عسل النحل على إصابته ، وضع العسل وربطها قائلاً أن هذا سوف يعالج هذه الإصابة وليس هناك حاجة للذهاب إلى بيشاور ، هذا الرباط لا يزال ملفوفاً على يده منذ ذلك اليوم .
بعد سنتين في طاجيكستان عاد خطاب ومجموعته الصغيرة إلى أفغانستان في بداية عام 1995 وكان في هذا الوقت بداية الحرب في الشيشان.
وصف خطاب شعوره عندما رأى أخبار الشيشان على محطة تليفزيونية تبث عبر القمر الصناعي في أفغانستان فقال : "عندما رأيت المجموعات الشيشانية مرتدية عصابات مكتوباً عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويصيحون صيحة الله اكبر علمت أن هناك جهاداً في الشيشان وقررت انه يجب علي أن اذهب إليهم " .
رحل خطاب من أفغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة إلى الشيشان كان ذلك في ربيع 1995 ، أربع سنوات مضت بعد ذلك جعلت تجربة خطاب في أفغانستان وطاجيكستان تظهر كأنها كانت لعبة أطفال في الحضانة . يقول المسؤولون الروس طبقاً لإحصائياتهم أن عدد الجنود الذين قتلوا في خلال ثلاث سنوات من الحرب في الشيشان فاق أضعاف عدد الجنود الذين قتلوا خلال عشر سنوات من الحرب في أفغانستان .
في يوم 16 أبريل 1996 قاد خطاب عملية من أجرأ العمليات وكانت عبارة عن كمين " شاتوى " وفيها قاد مجموعة مكونة من 50 مجاهداً لمهاجمة والقضاء على طابور روسي مكون من 50 سيارة مغادرة من الشيشان . تقول المصادر العسكرية الروسية أن 223 عسكرياً قتلوا من ضمنهم 26 ضابطاً كبيراً ودمرت الخمسون سيارة بالكامل . نتج عن هذه العملية إقالة ثلاثة جنرالات ، وقد أعلن بوريس يلتسين بنفسه عن هذه العملية للبرلمان الروسي . وقد تم تصوير هذه العملية بالكامل على شريط فيديو توجد منها بعض الصور في موقع عزام بشبكة الإنترنت .
بعدها بشهور نفذت نفس المجموعة عملية هجوم على معسكر روسي نتج عنه تدمير طائرة هليكوبتر بصاروخ AT- 3 Sager المضاد للدبابات ومرة أخرى تم تصوير العملية بالكامل على شريط للفيديو .
كما شاركت أيضا مجموعة من مقاتليه في هجوم غروزنى الشهير في أغسطس 1996 الذي قاده القائد الشيشاني شامل باسييف.
وقد ظهر اسمه مرة أخرى على الساحة في يوم 22 ديسمبر 1997 عندما قاد مجموعة مكونة من مائة مجاهد شيشانى وغير شيشاني ، وهاجموا داخل الأراضي الروسية وعلى عمق 100 كيلو متر القيادة العامة للواء 136 الآلي ودمروا 300 سيارة وقتلوا العديد من الجنود الروس وقد استشهد في هذه العملية اثنان من المجاهدين من ضمنهم أحد كبار القادة (من مصر) في جماعة خطاب هو أبو بكر عقيدة رحمه الله .
بعد انسحاب القوات الروسية من الشيشان في خريف 1996 اصبح خطاب بطلاً قومياً في الشيشان وقد منح هناك ميدالية الشجاعة والبسالة من قبل الحكومة الشيشانية . وقد منحوه أيضا رتبة لواء في حفل حضره شامل باسييف وسلمان رودييف القادة العباقرة في حرب الشيشان . وقبل مقتل جوهر دودايف كان خطاب يحظى لديه باحترام ناله بعمله وليس بالكلام .
كان رحمه الله يؤمن إيمانا راسخاً أن أجله سوف ينتهي في الوقت الذي كتبه الله له لا يتقدم لحظة ولا يتأخر لحظة . وقد نجا من محاولات عديدة لاغتياله أقربها عند قيادته لشاحنة روسية كبيرة انفجرت وأصبحت حطاماً ومات من كان بجانبه وهو لم يصب بخدش .
و يقول أبو عمر النجدي في مقالاته عن الانحياز من جروزني ، و الصعاب التي واجهوها في ذلك : " قام القائد خطاب حفظه الله برصد الطريق بنفسه لضمان سلامة الطريق وسهر الليالي الطوال المتواليات يفكر في أمر الجرحى والمرضى والأصحاء على حد سواء ، ولا غرابة في ذلك فقادتنا يسيرون على نهج المصطفى ( ويقتدون بأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين " ، و يقول في موضع آخر : " كان القائد العام حفظه الله يبحث لنا عن طريق سهل علينا يحافظ فيه على قوانا وطاقتنا فعرض نفسه للخطر أكثر من أربع مرات كل ذلك حتى يجنبنا الإرهاق وذلك بصعود جبل شاهق كان يعرف أنه سينهك قوانا لو سلكناه أولاً فحاول الاستبقاء على قوانا ولكن دون جدوى ، فأمرنا أخيراً بعد المحاولات مضطراً الصعود إلى الجبل الذي تجنبه أولاً ".
رحم الله فقيد أرض الشيشان .. الذي أبلى بلاء حسنا وكبيرا في قتال أعداء الله في مواطن عدة، واقتضت حكمة الله عز وجل أن يكون موته على فراشه ليصدع بأعلى صوته بعد موته :فلا نامت أعين الجبناء.
اللهم ارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين وتقبله في الشهداء والصالحين وأخلف على الأمة الجريحة المكلومة من هو خير منه وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بين مصعب وخطاب
خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا
مفكرة الإسلام :رحمك الله ياخطاب كلما رأيت صورتك وأنت مسجى على فراش الموت تذكرت مصعب بن عمير وهو مسجى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولئن بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم من رؤية مصعب فإن الأمة كلها من شرقها وغربها بكت لما رأتك صريع فراشك مسموماً وشهيداً بإذن الله ، وقد مت مجاهداً في غير أهلك ووطنك .
كان رحمه الله في شبابه وقبل جهاده مصلياً وصائماً ولكن كعادة أغلب الشباب فالثوب مسبل والمعازف تسمع واللحية تحلق ولما تمكن الإيمان في القلب رأينا منه العجب وكان يقول: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا .
لقد أعطانا رحمه الله درساً في واقع حياتنا ينبغي للدعاة والمجاهدين أن يعوه جيداً وهو أن في أمتنا أناساً لهم معادن كمعادن الذهب خالطها الرمل وعلاها الغبار تحتاج إلى من يكتشفها ويهذبها وكم من رجل احتقرناه واستصغرناه وأظهر الله على يديه الخير العظيم
فهذا عمر من عابد شجر وحجر إلى رجل ما سلك طريقاً إلا سلك الشيطان طريقاً غيّر طريقه.
مصدر و باقي الموضوع هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق