الجمعة، 12 سبتمبر 2014

عندما تكون قوات حفظ السلام خلف جرائم لا تعاقب عليها

كل يوم يمضي الا و يأخذ معه جزءا من الاحترام المتبقي للأمم المتحدة فبعد التحكم الظاهر فيها من طرف الخمسة الكبار أصحاب الفيتو الذين يحركون العالم كما يريدون .و بعد فضائح التساهل مع جرائم الحرب التي ترتكبها و ارتكبتها القوى الصهيونية يأتي اليوم الدور على الجناح العسكري للأمم المتحدة من جديد و الذي لطالما تبعته فضائح متنوعة و خاصة الجنسية منها أينما رحل و ارتحل فبعد كل من كمبوديا وموزمبيق والبوسنة وكوسوفو والكونجو والصومال وسيراليون وإريتريا وإثيوبيا وبوروندى ورواندا والسودان وكوت ديفوار وهايتى يأتي اليوم الدور على ليبيريا لتبصم فيها قوات الاحتلال التي تقدم على أنها قوات حفظ سلام.


فبين اغتصاب و ادارة لنوادي دعارة و تقديم المأكل في مقابل النفط ,بدأت الأسس التي بنيت عليه هذه القوى بالتضعضع وسط تساهل من قبل ادارة الأمم المتحدة نفسها.

لم تكن الفضيحة الجنسية التي تورطت فيها كتيبة كاملة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ساحل العاج منتصف الشهر الحالي هي الأولي من نوعها, لكنها كانت الأكبر من حيث عدد المتورطين فيها(706 عسكريا), وأيضا من حيث رد الفعل السريع الذي اتخذته إدارة عمليات حفظ السلام بالمنظمة الدولية, إذ قررت جاين هول لوت مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام ايقاف جميع أفراد الكتيبة بعد أسبوع واحد من ذيوع أنبائها, ووصول شكاوي بشأنها من عدة جمعيات أهلية الى مبنى المنظمة الدولية بنيويورك.
وطبقا لبيانات الأمم المتحدة ذاتها, فقد تضخم ملف الجرائم الجنسية والاتجار في المخدرات واستغلال الأطفال وتجارة الماس غير المشروعة, التي يمارسها بعض جنود الأمم المتحدة لحفظ السلام في مناطق عديدة من العالم, فإلى جانب ما ستكشف عنه فضيحة قوات حفظ السلام في ساحل العاج, يجري التحقيق مع300 عسكري من قوات الأمم المتحدة العاملين في حفظ السلام بسبب تورطهم في أنشطة جنسية وإساءة استخدام السلطة في هاييتي وكمبوديا والبوسنة.
وخلال السنوات الثلاث الماضية, تقول البيانات الأممية, تم طرد20 مدنيا يعملون بوكالات الأمم المتحدة المختلفة, وارسال17 شرطيا و144 عسكريا الي بلدانهم الأصلية بعد ادانتهم بتهم متنوعة تشمل الاعتداء علي قاصرات والحصول علي خدمات جنسية مقابل أغذية وأدوية, وتسهيل ادارة شبكات دولية للدعارة وتهريب الماس و المعادن الثمينة كالذهب ومقايضتها بالأسلحة والمواد التموينية, فضلا عن استخدام القسوة المفرطة في التعامل مع اللاجئين والمشردين في مناطق عديدة حول العالم.
قال لي أحد الدبلوماسيين ببعثة دولة شرق أوسطية بالأمم المتحدة, ان معاقبة العسكريين المتورطين في هذه الجرائم قد تكون أسهل من معاقبة المدنيين العاملين بوكالات المنظمة الدولية.. ذلك أن من تتم ادانتهم من قبل العسكريين يتم غالبا ارسالهم الي بلدانهم, ولا يحق لادارة عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة مطالبة حكومات الدول التي تورط جنودها في جرائم مخلة, بمحاكمتهم في أراضيها.. وفي معظم الأحيان تكتفي هذه الدول باستعادة جنودها, وتعتبر عودتهم الي بلدانهم حرمانا لهم من الرواتب الشهرية العالية التي كانوا يحصلون عليها بالعملة الصعبة ابان فترة انتدابهم بقوات حفظ السلام الأممية.
أما المدنيون كما يشير الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه أو الدولة التي ينتمي إليها فلا سلطان لأحد عليهم.. كل ما في الأمر أن الأمم المتحدة تقوم بفصلهم وانهاء تعاقدهم معها.. ويذهبون الي حال سبيلهم. 

 
 ويؤكد نفس الدبلوماسي ثقته في أن جميع البلدان الإفريقية الأعضاء في الأمم المتحدة سوف تتصارع علي ضمان تمثيل جنودها في القوة المختلطة المزمع ارسالها الي اقليم دارفور غرب السودان, بسبب المزايا المادية الكثيرة التي يفتقدها هؤلاء الجنود خلال أداء خدمتهم العسكرية في بلدانهم الأصلية.
لكن جين هول لوت مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام كادت تبكي ألما وهي تتحدث لنا في المؤتمر الصحفي عن ملابسات فضيحة أفراد الكتيبة المتورطة في ساحل العاج, اخبرتنا أن المدانين من أفراد هذه الكتيبة تم نقلهم خارج ساحل العاج وعودتهم الي بلدهم الأصلي.. المغرب.
وقالت لنا انها كأم وكجندية( وهي أيضا قرينة الجنرال دوجلاس لوت أحد كبار العسكريين في إدارة الرئيس بوش واشترك في التخطيط والتنفيذ للغزو الأمريكي لأفغانستان ثم العراق), لن تتسامح أبدا تجاه مرتكبي هذه الجرائم, وأخذت تتحدث عن معني الشرف العسكري بالنسبة للفرد العامل في قوات حفظ السلام الأممية وكيف أن هذا الشرف لا يمكن فرضه باللوائح والقوانين, وانما هو شعور متعمق بالواجب والرغبة في مساعدة المستضعفين في العالم.
وعندما سألها أحد الصحفيين عن نتيجة التحقيقات السابقة في مثل هذه الجرائم, وأشار الي فضيحة قيام بعض العسكريين في ادارتها لحفظ السلام بتهريب الماس من الكونجو, رفضت الإجابة واكتفت بالقول بأن الأمم المتحدة تصر بعد ارسال المدانين العسكريين الي بلدانهم الأصلية, علي معرفة نتائج التحقيق معهم, وكان طبيعيا أن نسألها: هل فعلا تتم محاكمتهم في بلدانهم؟
ابتسمت جين في مرارة وهي تقول إن الأمم المتحدة تسعي الآن من خلال ميثاق شرف جديد, إلي ضرورة ملاحقة المتورطين في مثل هذه الجرائم وضمان عدم افلاتهم من يد العدالة, وشرحت لنا كيف تحاول الأمم المتحدة حاليا صياغة أفكار جديدة والبحث عن آليات عملية يتم احترامها ويمكن تطبيقها بشفافية من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتعزيز احترام القواعد الاخلاقية في مهمات حفظ السلام حول العالم.
لكن ما لم تذكره لنا مساعد الأمين لعمليات حفظ السلام, هو تراخي ادارتها وعدم جديتها في التعامل الحاسم مع معظم الجرائم والانتهاكات التي تقع من قبل جنودها ومدنييها, يكفي علي سبيل المثال فضيحة استغلال جنود الأمم المتحدة لفتيات البوسنة واجبارهن علي الدعارة, وقيام جنود حفظ السلام بإقامة علاقات بيزنس مع عصابات تهريب النساء والأطفال في منطقة البلقان بعد تمركز جنود الأمم المتحدة بها منذ عام1999, وبرغم أن تحقيقات ادارة عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة اثبتت منذ عامين بالأدلة وبشهادة الشهود, تورط العديد من أفرادها في ارتكاب سلسلة متنوعة من الجرائم المخلة في حق أطفال ونساء منطقة البلقان, إلا أن شيئا لم يحدث.. وبقيت الأمم المتحدة عاجزة.. اللهم إلا من بعض بيانات الاستنكار و دموع جين التي كادت تتساقط من عينيها في المؤتمر الصحفي.

ومنذ سنة 2005 طبقت المنظمة الدولية سياسة "التسامح صفر" التي تعني التعامل مع الجاني بأقصى الصرامة. وتتفاوت العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على الجناة من جنودها من التعليق إلى حجب الراتب إلى الفصل عن العمل وأقسى عقوبة هي إحالة الجندي المتهم إلى العدالة العسكرية ببلده.

و التالي بعض جرائم قوات حفظ السلام التي سببتها منذ بداية هذا القرن حتى سنة 2007

28 يوليو/تموز 2007: اتهم جنود مغاربة تابعون لبعثة الأمم المتحدة ببواكي بساحل العاج باغتصاب فتيات قاصرات. ويبلغ أفراد الكتيبة المغربية 732 رجلا.

يوليو/تموز 2007: أجرت الأمم المتحدة تحقيقا حول تورط جنود في الوحدة الهندية في تأمين الطعام والمعلومات الأمنية لعدد من متمردي الهوتو برواندا مقابل الحصول على الذهب. وحسب بعض التقارير فإن هذه المقايضات مستمرة منذ سنتي 2006 و2005.

مايو/أيار 2007: أعلنت بعثة الأمم المتحدة بجمهورية الكونغو الديمقراطية "مونوك" فتح تحقيق حول ممارسة جنود باكستانيين من البعثة في شمال الكونغو لبيع الأسلحة مقابل الحصول على الذهب. وأرجع التقرير الصادر عن البعثة هذه الممارسات إلى سنتي 2004 و2005.

وتعتبر بعثة "مونوك" من أكبر بعثات الأمم المتحدة عددا. وقد زاد عدد المتهمين من جنود هذه البعثة على 200 وتم تجريم 144 منهم ومن ضمن هؤلاء المجرمين 7 ضباط برتبة رائد.

5 يناير/كانون الثاني 2007: تم إبعاد 4 جنود بنغاليين من ذوي القبعات الزرق من السودان لاتهامهم بإرغام أطفال على ممارسة الجنس.

17 أغسطس/آب 2006: أعلنت بعثة الأمم المتحدة بجمهورية الكونغو الديمقراطية "مونوك" وجود شبكة من الجنود التابعين لها تمارس الدعارة وخاصة مع الأطفال. وأظهر تقرير "مونوك" أن هنالك 140 حالة من هذا النوع. وأن هذه الشبكة تمارس أفعالها منذ نهاية سنة 2004.

مايو/أيار 2006: تم إبعاد جندي تابع للأمم المتحدة من ليبيريا بتهمة استغلال الأطفال. وفي نفس الشهر تعهدت جمهورية ليبيريا وبعثة الأمم المتحدة بفتح تحقيق حول تعرض فتيات ليبيريات لاغتصاب كشفت عنه منظمة غير حكومية بريطانية تدعى "حفظ الأطفال".

12 سبتمبر/أيلول 2005: تم إبعاد 120 شرطيا نيجيريا تابعين لبعثة الأمم المتحدة بجمهورية الكونغو الديمقراطية "مونوك" متهمين باستغلال فتيات من الكونغو.

23 يوليو/تموز 2005: أبعد 6 جنود نيباليين تابعين لنفس البعثة بعد سجنهم 3 أشهر وبنفس التهمة.

20 يوليو/تموز 2005: أبعد جنديان إثيوبيان من ذوي القبعات الزرق من بوروندي بتهمة ممارسة البغاء مع بعض القاصرات.

31 مارس/آذار 2005: أعلنت بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا تحقيقا حول عرائض تقدم بها بعض النسوة لإلحاق أبنائهن ببعض ذوي القبعات الزرق.

12 فبراير/شباط 2005: شرع القضاء المغربي في ملاحقة 6 جنود مغاربة كانوا تابعين لبعثة الأمم المتحدة بجمهورية الكونغو الديمقراطية "مونوك" متهمين باغتصاب بعض القصر. وقد حرمت بعثة "مونوك" منذ نفس الشهر على جميع ذوي القبعات الزرق أي علاقة جنسية مع الكونغوليات.

21 مايو/أيار 2004: شرعت بعثة "مونوك" في متابعة 30 حالة اغتصاب قام بها جنود تابعون لها.

17 ديسمبر/كانون الأول 2004: فصلت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ببوروندي جنديين.

24 أغسطس/ آب 2001: حقق القضاء الإيطالي مع جندي إيطالي تابع لبعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا متهم باغتصاب فتاة لم تبلغ 15 سنة.

وفي 28 فبراير شباط من نفس السنة حققت بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا مع 7 جنود دانماركيين اتهمهم زميل لهم باغتصاب فتاة إريترية عمرها 13 سنة.




و فيما يخص الفضيحة الأخيرة في ليبيريا فقال تقرير يوم الاثنين ان جنودا من قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة وعمال اغاثة ومدرسون يمارسون الجنس مع فتيات ليبيريات في الثامنة من اعمارهن في مقابل المال او الطعام او افضال اخرى مما يهدد جهود اعادة بناء الدولة التي دمرتها الحرب . وقالت منظمة (انقذوا الاطفال) البريطانية ان عددا مروعا من الفتيات تعرضن للاستغلال الجنسي من قبل اشخاص لهم سلطة في مخيمات اللاجئين وفي المجتمع الاوسع واحيانا مقابل اشياء زهيدة قد لا تتجاوز زجاجة من الجعة او ركوب سيارة معونة او مشاهدة فيلم .وقالت الوثيقة الواقعة في 20 صفحة ان السكان المحليين يبلغون عن الاستغلال الجنسي من قبل قوات حفظ السلام في كل مكان تتمركز فيه فرقة لبعثة الامم المتحدة في ليبيريا مما يسلط الضوء على مشكلة الانتهاكات الجنسية من قبيل قوات المنظمة الدولية . وتطارد مزاعم سوء السلوك الجنسي بعثات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في ليبيريا وساحل العاج وهايتي وبصفة خاصة في جمهورية الكونجو الديمقراطية حيث وجهت المنظمة الدولية اتهامات الى افراد من اكبر قوة حفظ سلام لها بالاغتصاب واستغلال الاطفال في الجنس واعطاء الاطفال الطعام او المال مقابل الجنس.


أما فيما يخص فضيحة قبلها شهدتها دولة افريقية أخرى و هي ساحل العاج فقالت الامم المتحدة انها تحقق في مزاعم بشأن ارتكاب وحدة من قوات حفظ السلام في ساحل العاج انتهاكات جنسية على نطاق واسع وانها احتجزت الجنود موضع المساءلة في قاعدة.

وقال مسؤولوا الامم المتحدة ان المنظمة الدولية تحقق في مزاعم بشأن ارتكاب مئات من الجنود المغاربة العاملين ضمن قوات حفظ السلام في ساحل العاج انتهاكات جنسية على نطاق واسع وانها قامت باستدعاء دبلوماسيين مغاربة للرد على ذلك.

وقال مسؤولون بالامم المتحدة طلبوا عدم نشر اسمائهم ان التحقيق شمل جنودا مغاربة مارسوا الجنس مع عدد كبير من الفتيات القاصرات . واخذت المنظمة الدولية تلك الخطوة غير المعتادة على نحو كبير بمنع خروج الكتيبة الكاملة المؤلفة من 800 جندي من ثكناتها.

وخلال السنوات القليلة الماضية مع توسيع عمليات حفظ السلام زادت تقارير الانتهاكات في دول افريقية مختلفة ولاسيما جمهورية الكونجو الديمقراطية على الرغم من سياسة عدم التسامح نهائيا التي اعلنتها الامم المتحدة ازاء تلك الانتهاكات.

وقال مسؤول بادارة حفظ السلام بالامم المتحدة اذا ثبت صحة هذه الاتهامات فانه امر غير مقبول بالمرة ان يتصرف جنود حفظ السلام التابعون للامم المتحدة على هذا النحو.

ويبلغ حجم بعثة ساحل العاج مايزيد قليلا عن تسعة الاف من الجنود من اكثر من 40 دولة. ويشكل المغاربة الجزء الاكبر من القوة الموجودة في بواكيه وهي معقل للمتمردين في شمال ساحل العاج مع بعض افراد الشرطة من بنجلادش ومهندسين باكستانيين ومسعفين غانيين .ولم يكن لدى بعثة المغرب في الامم المتحدة تعليق فوري على هذه الاتهامات .

واعترفت الأمم المتحدة بأن عدد البلاغات بوقوع استغلال جنسى وانتهاكات جنسية من جانب بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة خلال عام 2012 بلغت ستين بلاغا، فى مقابل 74 فى عام 2011، هذه البلاغات تضمنت “أكثر أشكال الاستغلال الجنسى والانتهاكات الجنسية بشاعة”، والتى تتمثل فى التحرش الجنسى بالقصر أو الأفعال الجنسية القسرية.

الأسوأ من الاعتراف المشين بانخفاض أعداد البلاغات ، أن هذه البعثات لا تستخدم القوة لحماية المدنيين حين يتعرضون لهجمات إلا فى حالات نادرة جدا، على الرغم من أن مجلس الأمن الدولى يجيز لهم استخدام القوة العسكرية.

كما وضعت قوات حفظ السلام الأمم المتحدة فى أزمة أخلاقية وقانونية غير مسبوقة بعدما طالب جوستافو جالون، أكبر مسئولى المنظمة الأممية للشئون الإنسانية فى هايتي، بمعاقبة المسئولين عن تفشى الكوليرا فى الدولة الكاريبية.

وطالبت بوت أوبرينس الأمم المتحدة بتعويضات لضحايا الكوليرا، حيث اتهمت قوات حفظ السلام بأنها السبب فى انتشار الوباء الذى راح ضحيته الآلاف، وهو ما رفضته المنظمة الأممية، لكن مطالبة جالون بعد الصمت على كارثة تسبب فيها الإنسان قلب موازين المعادلة.

الانتهاكات التى سجلتها منظمات حقوق الإنسان الدولية ضد قوات حفظ السلام خاصة فى الدول الإفريقية، لا تعد ولا تحصى، والمحاسبة أضعف من أن تتمكن من وقف طوفان الجرائم باسم “حفظ السلام”. وسجلت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية مئات من الانتهاكات ضد أطفال لم يبلغ بعضهم السادسة من العمر، من أجل الحصول على الغذاء أو الصابون أو الهواتف النقالة، فى عدد من مناطق النزاع فى العالم.

وكان بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة الحالى ومن قبله كوفى عنان قد أدانا ممارسة الانتهاكات الجنسية ووعدا باتخاذ إجراءات تأديبية فى حالة وقوع هذه المخالفات. لكن لا توجد قواعد تضمن التزام القوات بمدونة السلوك أو قانون “التسامح صفر” لوقف الانتهاكات، كما أن وحدات الجيش للدول الأعضاء يتم محاسبتها فقط أمام دولهم وليس أمام الأمم المتحدة.

وبالتأكيد تسيطر واشنطن على المنظمة الأممية، والتحدى الذى تواجه قوات حفظ السلام هو نفس التحدى بين مجلس الأمن الدولى والجمعية العامة حيث التناقض بين القوة والديمقراطية.

و اتباعا لسياسة الستر و اخفاء الحقائق التي تنهجها المنظمات الدولية فقد هدد مسؤولون في المنظمة بطرد اثنين من المؤلفين هايدي بوستلايت وأندرو تومسون. أصحاب كتاب يفضح ممارسات المنظمة اذ تمنع قوانين الأمم المتحدة موظفيها من نشر مذكراتهم من دون موافقة سابقة، وهي موافقة لم تعط في هذه الحالة. ويعتبر المؤلف الثالث والموظف السابق في المنظمة كينيث ماكاين بأنه كاتب محترف.

وأرسلت المنظمة قواتها الى كمبوديا في 1993 للاشراف على الانتخابات و"اعادة البلاد الى وضعها الطبيعي". لكن، كما يصف المؤلفون، خرق الوضع "كل ما هو طبيعي" بحفلات وليالٍ ماجنة.

وفي قسم آخر يقول المؤلفون أن "قوات حفظ السلام" المرسلة من بلغاريا شارك فيها سجناء سابقون بعد صفقة بين الحكومة البلغارية والمنظمة شملت عفواً عن هؤلاء السجناء وعملة صعبة للحكومة البلغارية. ويصف ماكاين المجموعة البلغارية بـ"كتيبة من المجرمين، شريعتهم غابية، دائمة السكر كالبحارة، ويجد افرادها متعة في اغتصاب الكمبوديات وكسر ميزان السرعة في سيارات المنظمة رباعية الدفع".

وأنكرت الحكومة البلغارية أمس هذه التهم ووصفتها بأنها "كاذبة"، وقالت أن الجنود المشاركين "هم من الاحتياطيين لأن القانون لم يسمح يومها للجنود العاديين بالمشاركة في مهمات خارجية".

ويتهم تومسون، الذي يشغل منصب طبيب في المنظمة، بعض المسؤولين في الأمم المتحدة بمصادرة 15 في المئة من رواتب القوات وعدم تأمين عدة عسكرية متكافئة. وكان تومسون أرسل الى هايتي في 1993 للتحقق من اعتداءات الجنرال راوول سيدراس ضد المدنيين.

وقال الناطق باسم الأمين العام للامم المتحدة فرد اكهارت "أن معلومات الكتاب غير دقيقة وانتقائية"، وفيما استبعد "طرد المؤلفين" أكد في حديث الى شبكة "سي أن أن" "عدم ترقيتهم".

و الخلاصة أن جنود حفظ السلام لم يكونوا في وقت من الأوقات "حافظين للسلم" كما يتمسحون و يزعمون، بل انهم في الحقيقة المغيبة جنودو احتلال مقننين مغتصبين لجميع حقوق الشعب و موارده .
المصادر :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق